و " ملائكة " وزنه إما مفاعلة وإما معافلة بحسب الاشتقاق الذي قد مضى ذكره في سورة البقرة، وهنالك ذكرنا هيئة السجود والمراد به ومعنى إبليس وكيف كان قبل المعصية، وأما قوله في هذه الآية ﴿ إلا إبليس ﴾ فقال الزجّاج هو استثناء ليس من الأول ولكن إبليس أمر بالسجود بدليل قوله تعالى :﴿ ما منعك ألآ تسجد إذ أمرتك ﴾ [ الأعراف : ١٢ ] وقال غير الزجّاج : الاستثناء من الأول لأنّا لو جعلناه منقطعاً على قول من قال إن إبليس لم يكن من الملائكة لوجب أن إبليس لم يؤمر بالسجود، إلا أن يقول قائل هذه المقالة إن أمر إبليس كان بوجه آخر غير قوله :﴿ اسجدوا ﴾ وذلك بيّن الضعف. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع " للملائكةُ اسجدوا " بضم الهاء وهي قراءة ضعيفة. ووجهها أنه حذف همزة ﴿ اسجدوا ﴾ وألقى حركتها عن الهاء، وذلك لا يتجه لأنها محذوفة مع جر الهاء بحركة، أي شيء يلغى إنما يكون في الوصل. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ﴾
فيه ثمانية أقوال.
أحدها : ولقد خلقناكم في ظهر آدم، ثم صورناكم في الأرحام، رواه عبد الله بن الحارث عن ابن عباس.
والثاني : ولقد خلقناكم في أصلاب الرجال، وصورناكم في أرحام النساء، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عكرمة.
والثالث :"ولقد خلقناكم"، يعني بني آدم "ثم صورَّناكم"، يعني ذريته من بعده رواه العوفي عن ابن عباس.
والرابع :"ولقد خلقناكم"، يعني آدم، "ثم صورناكم" في ظهره، قاله مجاهد.
والخامس :"خلقناكم" نطفاً في أصلاب الرجال، وترائب النساء، "ثم صورَّناكم" عند اجتماع النطف في الأرحام، قاله ابن السائب.
والسادس :"خلقناكم" في بطون أُمهاتكم، "ثم صورناكم" فيما بعد الخلق بشق السمع والبصر، قال معمر.
والسابع :"خلقناكم"، يعني آدم خلقناه من تراب، "ثم صورناكم"، أي : صوَّرناه، قاله الزجاج، وابن قتيبة.


الصفحة التالية
Icon