قال ابن قتيبة : فجعل الخلق لهم إذ كانوا منه ؛ فمن قال : عنى بقوله "خلقناكم" آدم، فمعناه : خلقنا أصلكم ؛ ومن قال : صورنا ذريته في ظهره، أراد إخراجهم يوم الميثاق كهيئة الذر.
والثامن :"ولقد خلقناكم" يعني الأرواح، "ثم صورناكم" يعني الأجساد، حكاه القاضي أبو يعلى في "المعتمد".
وفي "ثم" المذكورة مرتين قولان.
أحدهما : أنها بمعنى الواو، قاله الأخفش.
والثاني : أنها للترتيب، قاله الزجاج. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾
لما ذكر نعمه ذكر ابتداء خلقه.
وقد تقدّم معنى الخلق في غير موضع.
"ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ" أي خلقناكم نُطفاً ثم صوّرناكم، ثم إنا نخبركم أنا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم.
وعن ابن عباس والضحاك وغيرهما : المعنى خلقنا آدم ثم صوّرناكم في ظهره.
وقال الأخفش :"ثم" بمعنى الواو.
وقيل : المعنى "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ" يعني آدم عليه السَّلام، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم، ثم صورناكم ؛ على التقديم والتأخير.
وقيل :"وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ" يعني آدم ؛ ذكر بلفظ الجمع لأنه أبو البشر.
"ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ" راجع إليه أيضاً.
كما يُقال : نحن قتلناكم ؛ أي قتلنا سيدكم.
﴿ ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدَمَ ﴾ وعلى هذا لا تقديم ولا تأخير ؛ عن ابن عباس أيضاً.
وقيل : المعنى ولقد خلقناكم، يريد آدم وحوّاء ؛ فآدم من التراب وحوّاء من ضلع من أضلاعه، ثم وقع التصوير بعد ذلك.
فالمعنى : ولقد خلقنا أبوَيْكم ثم صوّرناهما ؛ قاله الحسن.
وقيل : المعنى خلقناكم في ظهر آدم ثم صوّرناكم حين أخذنا عليكم الميثاق.
هذا قول مجاهد، رواه عنه ابن جريج وابن أبي نجيح.
قال النحاس : وهذا أحسن الأقوال.
يذهب مجاهد إلى أنه خلقهم في ظهر آدم، ثم صوّرهم حين أخذ عليهم الميثاق، ثم كان السجود بعد.


الصفحة التالية
Icon