رَبُّكَ للملائكة إِنّي جَاعِلٌ فِى الأرض خَلِيفَةً } إلى قوله :﴿ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ فإن ذلك أيضاً من جملة ما نيط به الأمرُ المعلقُ من التسوية ونفخِ الروح، وعدمُ ذكرِه عند الحكايةِ لا يقتضي عدمَ ذكره عند وقوعِ المحكيّ كما أن عدم ذكرِ الأمرِ المنْجزِ لا يستلزمُ عدمَ مسبوقيتِه به فإن حكايةَ كلامٍ واحدٍ على أساليبَ مختلفةٍ يقتضيها المقامُ ليست بعزيزة في الكلام العزيزِ، فلعله قد ألقى إلى الملائكة عليهم السلام أو إلى جميع ما يتوقفُ عليه الأمرُ المنجزُ إجمالاً بأن قيل مثلاً : إني خالقٌ بشراً من طين وجاعلٌ إياه خليفةً في الأرض فإذا سويتُه ونفختُ فيه من روحي وتبيَّن لكم فضلُه فقَعوا له ساجدين، فخلقه فسواه فنفخ فيه من روحه فقالوا عند ذلك ما قالوا، أو ألقيَ إليهم خبرُ الخلافةِ بعد تحققِ الشرائطِ المذكورةِ بأن قيل إثرَ نفخِ الروحِ : إني جاعلٌ هذا خليفةً في الأرض فهنالك ذكروا في حقه عليه السلام ما ذكروا فأيده الله تعالى بتعليم الأسماءِ فشاهدوا منه عليه السلام ما شاهدوا فعند ذلك ورد الأمرُ المنْجزُ اعتناءً بشأن المأمور به وإيذاناً بوقته، وقد حُكيَ بعضُ الأمور المذكورة في بعض المواطنِ وبعضُها في بعضها اكتفاءً بما ذكر في كل موطنٍ عما تُرك في موطن آخرَ.


الصفحة التالية
Icon