القول الأول : وهو المشهور أن كلمة لا صلة زائدة، والتقدير : ما منعك أن تسجد ؟ ا وله نظائر في القرآن كقوله :﴿لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة﴾ [ القيامة : ١ ] معناه : أقسم.
وقوله :﴿وَحَرَامٌ على قَرْيَةٍ أهلكناها أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ [ الأنبياء : ٩٥ ] أي يرجعون.
وقوله :﴿لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب﴾ [ الحديد : ٢٩ ] أي ليعلم أهل الكتاب.
وهذا قول الكسائي، والفراء، والزجاج، والأكثرين.
والقول الثاني : أن كلمة ﴿لا﴾ ههنا مفيدة وليست لغواً وهذا هو الصحيح، لأن الحكم بأن كلمة من كتاب الله لغو لا فائدة فيها مشكل صعب، وعلى هذا القول ففي تأويل الآية وجهان : الأول : أن يكون التقدير : أي شيء منعك عن ترك السجود ؟ ا ويكون هذا الاستفهام على سبيل الإنكار ومعناه : أنه ما منعك عن ترك السجود ؟ ا كقول القائل لمن ضربه ظلماً : ما الذي منعك من ضربي، أدينك، أم عقلك، أم حياؤك ؟ ا والمعنى : أنه لم يوجد أحد هذه الأمور، وما امتنعت من ضربي.
الثاني : قال القاضي : ذكر الله المنع وأراد الداعي فكأنه قال : ما دعاك إلى أن لا تسجد ؟ ا لأن مخالفة أمر الله تعالى حالة عظيمة يتعجب منها ويسأل عن الداعي إليها.
المسألة الثالثة :
احتج العلماء بهذه الآية على أن صيغة الأمر تفيد الوجوب، فقالوا : إنه تعالى ذم إبليس بهذه الآية على ترك ما أمر به ولو لم يفد الأمر الوجوب لما كان مجرد ترك المأمور به موجباً للذم.
فإن قالوا : هب أن هذه الآية تدل على أن ذلك الأمر كان يفيد الوجوب، فلعل تلك الصيغة في ذلك الأمر كانت تفيد الوجوب.
فلم قلتم إن جميع الصيغ يجب أن تكون كذلك ؟


الصفحة التالية
Icon