ثم قال له عمر : أرأيت...
فقايسه وناظره بما يشبه من مسألته بمحضر المهاجرين والأنصار، وحسبُك.
وأما الآثار وآي القرآن في هذا المعنى فكثير.
وهو يدل على أن القياس أصل من أُصول الدين، وعِصمة من عِصم المسلمين، يرجع إليه المجتهدون، ويفزع إليه العلماء العاملون، فيستنبطون به الأحكام.
وهذا قول الجماعة الذين هم الحجة، ولا يلتفت إلى من شذَّ عنها.
وأما الرأي المذموم والقياس المتكّلف المنهي عنه فهو ما لم يكن على هذه الأُصول المذكورة ؛ لأن ذلك ظنٌّ ونَزَغٌ من الشيطان ؛ قال الله تعالى :﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [ الإسراء : ٣٦ ].
وكل ما يورده المخالف من الأحاديث الضعيفة والأخبار الواهية في ذمّ القياس فهي محمولة على هذا النوع من القياس المذموم، الذي ليس له في الشرع أصل معلوم.
وتتميم هذا الباب في كتب الأُصول. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك ﴾
يعني : قال الله عز وجل لإبليس أي شيء منعك من السجود لآدم إذ أمرتك به فعلى هذا التأويل تكون كلمة لا في قوله أن لا تسجد صلة زائدة وإنما دخلت للتوكيد والتقدير ما منعك أن تسجد فهو كقوله :﴿ لا أقسم ﴾ وقوله ﴿ وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ﴾ أي يرجعون وقوله ﴿ لئلا يعلم أهل الكتاب ﴾ أي يعلم أهل الكتاب وهذا قول الكسائي والفراء والزجاج والأكثرين.
وقيل : إن كلمة لا هنا على أصلها مفيدة وليست بزائدة لأنه لا يجوز أن يقال إن كلمة من كتاب الله زائدة أو لا معنى لها، وعلى هذا القول حكى الواحدي عن أحمد بن يحيى : أن لا في هذه الآية ليست زائدة ولا توكيداً لأن معنى قوله ﴿ ما منعك أن لا تسجد ﴾ من قال لك لا تسجد فحمل نظم الكلام على معناه وهذا القول حكاه أبو بكر عن الفراء.


الصفحة التالية
Icon