فصل
قال الفخر :
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أنه تعالى رغب الأمم في قبول دعوة الأنبياء عليهم السلام بالتخويف أولاً ثم بالترغيب ثانياً على ما بيناه، والترغيب إنما كان لأجل التنبيه على كثرة نعم الله تعالى على الخلق، فبدأ في شرح تلك النعم بقوله :﴿وَلَقَدْ مكناكم فِى الأرض وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا معايش﴾ [ الأعراف : ١٠ ] ثم أتبعه بذكر أنه خلق أبانا آدم وجعله مسجوداً للملائكة، والإنعام على الأب يجري مجرى الإنعام على الابن فهذا هو وجه النظم في هذه الآيات، ونظيره أنه تعالى قال في أول سورة البقرة :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنتُمْ أمواتا فأحياكم﴾ [ البقرة : ٢٨ ] فمنع تعالى من المعصية بقوله :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله﴾ وعلل ذلك المنع بكثرة نعمه على الخلق، وهو أنهم كانوا أمواتاً فأحياهم، ثم خلق لهم ما في الأرض جميعاً من المنافع، ثم أتبع تلك المنفعة بأن جعل آدم خليفة في الأرض مسجوداً للملائكة، والمقصود من الكل تقرير أن مع هذه النعم العظيمة لا يليق بهم التمرد والجحود فكذا في هذه السورة ذكر تعالى عين هذا المعنى بغير هذا الترتيب فهذا بيان وجه النظم على أحسن الوجوه.
المسألة الثانية :
اعلم أنه تعالى ذكر قصة آدم عليه السلام مع قصة إبليس في القرآن في سبعة مواضع : أولها : في سورة البقرة، وثانيها : في هذه السورة، وثالثها : في سورة الحجر، ورابعها : في سورة بني إسرائيل، وخامسها : في سورة الكهف، وسادسها : في سورة طه، وسابعها : في سورة ص.
إذا عرفت هذا فنقول : في هذه الآية سؤال، وهو أن قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ خلقناكم ثُمَّ صورناكم﴾ يفيد أن المخاطب بهذا الخطاب نحن.