فقد روي أنه أخرج منها إلى الجزائر وأمر أن لا يدخلها إلا خفية، ويبعده أنه لا يظهر للتخصيص في قوله تعالى :﴿ فَمَا يَكُونُ لَكَ ﴾ أي فما يصح ولا يستقيم ولا يليق بشأنك ﴿ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا ﴾ على هذا وجه إلا على بعد.
وأما على الأوجه السابقة فالوجه ظاهر وهو مزيد شرافة المخرج منه وعلو شأنه وتقدس ساحته.
ومن هنا يعلم أنه لا دلالة في الآية على جواز التكبر في غير ذلك عند القائلين بالمفهوم، والجملة تعليل للأمر بالهبوط ولايخفى لطافة التعبير به دون الخروج في مقابلة قوله :﴿ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ ﴾ [ الأعراف : ١٢ ] المشير إلى ارتفاع عنصره وعلو محله، والتكبر على ما قيل كالكبر وهو الحالة التي يختص بها الشخص من إعجابه بنفسه.
وذلك أن يرى نفسه أكبر من غيره وأعظم، والمراد بالتكبر ههنا إما التكبر على الله تعالى وهو أعظم التكبر ويكون بالامتناع من قبول الحق والإذعان له بالعبادة.
وفسره بعضهم بالمعصية.
وإما التكبر على آدم عليه السلام بزعمه أنه خير منه وأكبر قدراً.
وقيل : المراد ما هو أعم منه ومن التكبر على الملائكة حيث زعم أن له خصوصية ميزته عليهم وأخرجته من عمومهم وفيه تأمل.
وزعم البعض أن في الآية تنبيهاً على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة فكما يمنع من القرار فيها يمنع من دخولها بعد ذلك وأنه تعالى إنما طرده لتكبره لا لمجرد عصيانه، وهو ظاهر على أحد الاحتمالات كما لا يخفى.
والظرف إما متعلق بما عنده أو بمحذوف وقع حالاً.
وقوله تعالى :﴿ فاخرج ﴾ تأكيد للأمر بالهبوط متفرع عليه.
وقوله سبحانه :﴿ إِنَّكَ مِنَ الصاغرين ﴾ تعليل للأمر بالخروج مشعر بأنه لتكبره أي إنك من أهل الصغار والهوان على الله تعالى وعلى أوليائه لتكبرك.


الصفحة التالية