والجواب : لا يبعد أن يقال إن إبليس لقي آدم مراراً كثيرة ورغبه في أكل الشجرة بطرق كثيرة فلأجل المواظبة والمداومة على هذا التمويه أثر كلامه في آدم عليه السلام.
السؤال الثالث : لم قال :﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان ﴾.
والجواب : معنى وسوس له أي فعل الوسوسة لأجله والله أعلم.
أما قوله تعالى :﴿لِيُبْدِيَ لَهُمَا﴾ في هذا اللام قولان : أحدهما : أنه لام العاقبة كما في قوله :﴿فالتقطه ءالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ [ القصص : ٨ ] وذلك لأن الشيطان لم يقصد بالوسوسة ظهور عورتهما، ولم يعلم أنهما إن أكلا من الشجرة بدت عوراتهما، وإنما كان قصده أن يحملهما على المعصية فقط.
الثاني : لا يبعد أيضاً أن يقال : إنه لام الغرض ثم فيه وجهان : أحدهما : أن يجعل بدو العورة كناية عن سقوط الحرمة وزوال الجاه، والمعنى : أن غرضه من إلقاء تلك الوسوسة إلى آدم زوال حرمته وذهاب منصبه.
والثاني : لعله رأى في اللوح المحفوظ أو سمع من بعض الملائكة أنه إذا أكل من الشجرة بدت عورته، وذلك يدل على نهاية الضرر وسقوط الحرمة، فكان يوسوس إليه لحصول هذا الغرض، وقوله :﴿مَا ووري عنهما من سوءَاتهما﴾ فيه مباحث :
البحث الأول : ما وري مأخوذ من المواراة يقال : واريته أي سترته.
قال تعالى :﴿يواري سوأة أخيه﴾ [ المائدة : ٣١ ].
وقال النبي ﷺ لعلي لما أخبره بوفاة أبيه :"اذهب فواره".
البحث الثاني : السوأة فرج الرجل والمرأة، وذلك لأن ظهوره يسوء الإنسان.
قال ابن عباس رضي الله عنهما كأنهما قد ألبسا ثوباً يستر عورتهما، فلما عصيا زال عنهما ذلك الثوب فذلك قوله تعالى :﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُما ﴾.