وقال الآلوسى :
﴿قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
﴿ قَالَ ﴾ استئناف كما مر مبني على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل : فماذا قال اللعين بعدما سمع ما سمع؟ فقيل : قال :﴿ أَنظِرْنِى ﴾ أي أمهلني ولا تمتني ﴿ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ أي آدم عليه السلام وذريته وهو وقت النفخة الثانية، وأراد بذلك أن يجد فسحة في الإغواء وأخذ الثأر ونجاة من الموت إذ لا موت بعد البعث.
﴿ قَالَ ﴾ استئناف كما مر ﴿ إِنَّكَ مِنَ المنظرين ﴾ ظاهره ﴿ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٤ ] حيث وقع في مقابلة كلامه لكن في سورة الحجر وص التقييد بيوم الوقت المعلوم، واختلف في المراد منه فالمشهور أنه يوم النفخة الأولى دون يوم البعث لأنه ليس بيوم موت، وجوز بعضهم أن يكون المراد منه يوم البعث ولا يلزم أن لا يموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث مع الخلق في تضاعيفه.
وفي كتاب "العرائس" عن كعب الأحبار أن إبليس إنما يذوق طعم الموت يوم الحشر وذكر في كيفية موته وقبض عزرائيل روحه ما يقضي منه العجب، ولم ترضِ ذلك الفاضل السفاريني وقال في كتابه "البحور الزاخرة" : أخرج نعيم بن حماد في "الفتن" والحاكم في "المستدرك" عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال : لا يلبثون يعني الناس بعد يأجوج ومأجوج حتى تطلع الشمس من مغربها فتجف الأقلام وتطوى الصحف فلا يقبل من أحد توبة ويخر إبليس ساجداً ينادي إلهي مرني أن أسجد لمن شئت وتجتمع إليه الشياطين فتقول يا سيدنا إلى من نفزع؟ فيقول : إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث فأنظرني إلى يوم الوقت المعلوم وقد طلعت الشمس من مغربها وهذا يوم الوقت المعلوم وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل : هذا قريني الذي كان فالحمد لله الذي أخزاه ولا يزال إبليس ساجداً باكياً حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد انتهى.