أحدهما : أجسادهما من العورة حين خرجا من لباسهما، وهو مقتضى قول ابن عباس.
والثاني : سوأة معصيتهما حتى خرجا من تقوى الله وطاعته، وهو معنى قول مجاهد.
﴿ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنَ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ﴾
فيه وجهان :
أحدهما : قومه، وهو قول الجمهور.
والثاني : جيلُهُ، قاله السدي.
﴿ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : من حيث لا تبصرون أجسادهم.
والثاني : من حيث لا تعلمون مكرهم وفتنتهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
﴿يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ﴾
هذه المخاطبة لجميع العالم والمقصود بها في ذلك الوقت من كان يطوف من العرب بالبيت عراة، فقيل كان ذلك من عادة قريش، وقال قتادة والضحاك : كان ذلك من عادة قبيلة من اليمن، وقيل كانت العرب تطوف عراة إلا الحمس وهم قريش ومن والاها.
قال القاضي أبو محمد : وهذا هو الصحيح لأن قريشاً لما سنوا بعد عام الفيل سنناً عظموا بها حرمتهم كانت هذه من ذلك، فكان العربي إما أن يعيره أحد من الحمس ثوباً فيطوف فيه، وإما أن يطوف في ثيابه ثم يلقيها، وتمادى الأمر حتى صار عند العرب قربة فكانت العرب تقول نطوف عراة كما خرجنا من بطون أمهاتنا ولا نطوف في ثياب قد تدنسنا فيها بالذنوب، ومن طاف في ثيابه فكانت سنتهم كما ذكرنا أن يرمي تلك الثياب ولا يتتفع بها وتسمى تلك الثياب اللقى، ومنه قول الشاعر :
كفى حزناً كرّي عليه كأنه... لقى بين أيدي الطائفين حريم
وكانت المرأة تطوف عريانة حتى كانت إحداهن تقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله... فما بدا منه فلا أحله