فنهى الله عز وجل عن جميع ذلك ونودي بمكة في سنة تسع لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، و" الفتنة " في هذه الآية الاستهواء والغلبة على النفس، وظاهر قوله :﴿ لا يفتننكم ﴾ نهي الشيطان، والمعنى نهيهم أنفسهم عن الاستماع له والطاعة لأمره كما قالوا لا أرينك ها هنا، فظاهر اللفظ نهي المتكلم نفسه، ومعناه نهي الآخر عن الإقامة بحيث يراه، وأضاف الإخراج في هذه الآية إلى إبليس وذلك تجوز بسبب أنه كان ساعياً في ذلك ومسبباً له، ويقال أب وللأم أبة، وعلى هذا قيل أبوان، و﴿ ينزع ﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿ أخرج ﴾، وتقدم الخلاف في " اللباس " من قول من قال الأظفار ومن قال النور ومن قال ثياب الجنة، وقال مجاهد هي استعارة إنما أراد لبسة التقى المنزلة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف، وقوله :﴿ إنه يراكم ﴾ الآية، زيادة في التحذير وإعلام أن الله عز وجل قد مكن الشيطان من ابن آدم في هذا القدر وبحسب ذلك يجب أن يكون التحذر بطاعة الله تعالى.
قال القاضي أبو محمد : والشيطان موجود قد قررته الشريعة وهو جسم، ﴿ وقبيلة ﴾ يريد نوعه وصنفة وذريته.
و﴿ حيثُ ﴾ مبنية على الضم، ومن العرب من يبينها على الفتح، وذلك لأنها تدل على موضع بعينه، قال الزجاج : ما بعدها صلة لها وليست مضافة إليه، قال أبو علي : هذا غير مستقيم وليست ﴿ حيث ﴾ بموصولة إذ ليس ثم عائد كما في الموصولات، وهي مضافة إلى ما بعدها.
ثم أخبر عز وجل أنه صير " الشياطين أولياء " أي صحابة ومداخلين إلى الكفرة الذين لا إيمان لهم، وذكر الزهراوي أن جعل هنا بمعنى وصف.
قال القاضي أبو محمد : وهي نزعة اعتزالية. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ يا بني آدم لا يفتننَّكم الشيطان ﴾


الصفحة التالية
Icon