ولما كان قد بذل الجهد في إخراجهما، فسر الإخراج - مشيراً إلى ذلك - بإطالة الوسواس وإدامة المكر والخديعة بالتعبير بالفعل المضارع فقال في موضع الحال من ضمير " الشيطان " :﴿ينزع عنهما﴾ أي بالتسبيب بإدامة التزيين والأخذ من المأمن ﴿لباسهما﴾ أي الذي كان الله سبحانه قد سترهما به ما داما حافظين لأنفسهما من مواقعة ما نهيا عنه، ودل على منافاة الكشف للجنة بالتعليل بقوله :﴿ليريهما سوءاتهما﴾ فإن ذلك مبدأ ترك الحياة و" الحياء والإيمان في قرن " - كما أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنهما، و" الحياء لا يأتي إلا بخير " - كما رواه الشيخان عن عمران بن حصين رضي الله عنهما.
ولما كان نهي الشيطان عن فتنتنا إنما هو في الحقيقة نهي لنا عن الافتتان به، فهو في قوة ليشتد حذركم من فتنته فإنه دقيق الكيد بعيد الغور بديع المخاتله ؛ علل ذلك بقوله :﴿إنه يراكم﴾ أي الشيطان ﴿هو وقبيله﴾ أي جنوده ﴿من حيث لا ترونهم﴾ عن مالك بن دينار أن عدواً يراك ولا تراه لشديد المؤنة إلا من عصمه الله.


الصفحة التالية
Icon