وقال القاسمى :
﴿ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً ﴾ أي : ما تناهى قبحه من الذنوب، كالشرك وكشف العورة في الطواف ﴿ قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا ﴾ أي : إذا فعلوها إعتذروا بأن آباءهم كانوا يفعلونها، فاقتدوا بهم، وبأن الله أمرهم بأن يفعلوها، حيث أقرنا عليها
إذ لو كرهها لنقلنا عنها، وهما باطلان، لأن أحدهما تقليد للجهال، والتقليد ليس بطريق للعلم، والثاني افتراء على ذي الجلال.
قال الشهاب : في قوله تعالى :﴿ وَاللّهُ أَمَرَنَا ﴾ : مضاف مقدر أي : أمر آباءنا، فلا يقال الظاهر أمرهم بها، والعدول عن الظاهر إشارة إلى إدعاء أن أمر آباءهم أمر لهم.
﴿ قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء ﴾ أي : هذا الذي تصنعونه فاحشة منكرة، والله لا يأمر بمثل ذلك، لأن عادته سبحانه وتعالى جرت على الأمر بمحاسن الأفعال والحث على مكارم الخصال :﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ إنكار لإضافتهم الأمر بالفحشاء إليه سبحانه، يتضمن النهي عن الإفتراء عليه تعالى، وفيه شهادة على أن مبنى قولهم على الجهل المفرط.
قال الشهاب : ولا دليل في الآية لمن نفى القياس، بناء على أن ما يثبت به مظنون لا معلوم، لأنه مخصوص في عمومها بإجماع الصحابة ومن يعتد به، أو بدليل آخر.
تنبيه :
قال مجاهد : كان المشركون يطوفون بالبيت عراةً، يقولون : نطوف كما ولدتنا أمهاتنا، فتضع المرأة على قُبُلها النِّسعة أو الشيء وتقول :
~اليومَ يبدو بعضهُ أو كلُّهُ وما بدا منه فلا أُحِلُّهُ