أحدها : كما بدأكم سعداء وأشقياء كذلك تبعثون، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والقرظي، والسدي، ومقاتل، والفراء.
والثاني : كما خُلقتم بقدرته، كذلك يعيدكم، روى هذا المعنى العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وابن زيد، والزجاج، وقال : هذا الكلام متصل بقوله :﴿ فيها تحيون وفيها تموتون ﴾ [ الأعراف : ٢٥ ].
والثالث : كما بدأكم لا تملكون شيئا، كذلك تعودون، ذكره الماوردي. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بالقسط ﴾
قال ابن عباس : لا إله إلا الله.
وقيل : القسط العدل ؛ أي أمر بالعدل فأطيعوه.
ففي الكلام حذف.
﴿ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ ﴾ أي توجهوا إليه في كل صلاة إلى القبلة.
﴿ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ أي في أي مسجد كنتم.
﴿ وادعوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدين ﴾ أي وحّدوه ولا تشركوا به.
﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ نظيره ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ الأنعام : ٩٤ ] وقد تقدم.
والكاف في موضع نصب ؛ أي تعودون كما بدأكم ؛ أي كما خلقكم أوّل مرة يعيدكم.
وقال الزجاج : هو متعلق بما قبله.
أي ومنها تخرجون كما بدأكم تعودون. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ قل أمر ربي بالقسط ﴾
أي : قل يا محمد لهؤلاء الذين يقولون على الله ما لا يعلمون أمر ربي بالقسط يعني بالعدل، وهذا قول مجاهد والسدي.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بلا إله إلا الله فالأمر بالقسط في هذه الآية يشتمل على معرفة الله تعالى بذاته وصفاته وأفعاله وأنه واحد لا شريك له ﴿ وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ﴾ فإن قلت قل أمر ربي بالقسط خبر وقوله وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد أمر وعطف الأمر على الخبر لا يجوز فما معناه.