قال :" مهلاً فإن جبريل أمرني بالطيب غباً وقال لا تتركه يوم الجمعة " ثم قال :" يا عثمان لا ترغب عن سنتي فإن من رغب عن سنتي ومات قبل أن يتوب صرفت الملائكة وجهه عن حوضي "واعلم أن هذا الحديث يدل على أن هذه الشريعة الكاملة تدل على أن جميع أنواع الزينة مباح مأذون فيه، إلا ما خصه الدليل، فلهذا السبب أدخلنا الكل تحت قوله :﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله ﴾.
المسألة الثانية :
مقتضى هذه الآية أن كل ما تزين الإنسان به، وجب أن يكون حلالاً، وكذلك كل ما يستطاب وجب أن يكون حلالاً، فهذه الآية تقتضي حل كل المنافع، وهذا أصل معتبر في كل الشريعة، لأن كل واقعة تقع، فإما أن يكون النفع فيها خالصاً، أو راجحاً أو الضرر يكون خالصاً أو راجحاً، أو يتساوى الضرر والنفع، أو يرتفعا.
أما القسمان الأخيران، وهو أن يتعادل الضرر والنفع، أو لم يوجدا قط ففي هاتين الصورتين، وجب الحكم ببقاء ما كان على ما كان، وإن كان النفع خالصاً، وجب الإطلاق بمقتضى هذه الآية، وإن كان النفع راجحاً والضرر مرجوحاً يقابل المثل بالمثل، ويبقى القدر الزائد نفعاً خالصاً، فيلتحق بالقسم الذي يكون النفع فيه خالصاً، وإن كان الضرر خالصاً، كان تركه خالص النفع، فيلتحق بالقسم المتقدم، وإن كان الضرر راجحاً بقي القدر الزائد ضرراً خالصاً، فكان تركه نفعاً خالصاً، فبهذا الطريق صارت هذه الآية دالة على الأحكام التي لا نهاية لها في الحل والحرمة، ثم إن وجدنا نصاً خالصاً في الواقعة، قضينا في النفع بالحل، وفي الضرر بالحرمة، وبهذا الطريق صار جميع الأحكام التي لا نهاية لها داخلاً تحت النص ثم قال نفاة القياس.
فلو تعبدنا الله تعالى بالقياس، لكان حكم ذلك القياس.
إما أن يكون موافقاً لحكم هذا النص العام، وحينئذ يكون ضائعاً، لأن هذا النص مستقل به.


الصفحة التالية
Icon