والنوع الخامس : من المحرمات المذكورة في هذه الآية قوله تعالى :﴿وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ وقد سبق تفسير هذه الآية في هذه السورة عند قوله :﴿إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشاء أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [ الأعراف : ٢٨ ] وبقي في الآية سؤالان :
السؤال الأول : كلمة "إنما" تفيد الحصر، فقوله :﴿إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ﴾ كذا وكذا يفيد الحصر، والمحرمات غير محصورة في هذه الأشياء.
والجواب : إن قلنا الفاحشة محمولة على مطلق الكبائر، والإثم على مطلق الذنب دخل كل الذنوب فيه، وإن حملنا الفاحشة على الزنا، والإثم على الخمر قلنا : الجنايات محصورة في خمسة أنواع : أحدها : الجنايات على الأنساب، وهي إنما تحصل بالزنا، وهي المراد بقوله :﴿إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ الفواحش﴾ وثانيها : الجنايات على العقول، وهي شرب الخمر، وإليها الإشارة بقوله :﴿الإثم﴾ وثالثها : الجنايات على الأعراض.
ورابعها : الجنايات على النفوس وعلى الأموال، وإليهما الإشارة بقوله :﴿والبغى بِغَيْرِ الحق﴾ وخامسها : الجنايات على الأديان وهي من وجهين : أحدها : الطعن في توحيد الله تعالى، وإليه الإشارة بقوله :﴿وَأَن تُشْرِكُواْ بالله﴾ وثانيها : القول في دين الله من غير معرفة، وإليه الإشارة بقوله :﴿وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ فلما كانت أصول الجنايات هي هذه الأشياء، وكانت البواقي كالفروع والتوابع، لا جرم جعل تعالى ذكرها جارياً مجرى ذكر الكل، فأدخل فيها كلمة "إنما" المفيدة للحصر.
السؤال الثاني : الفاحشة والإثم هو الذي نهى الله عنه، فصار تقدير الآية : إنما حرم ربي المحرمات، وهو كلام خال عن الفائدة ؟
والجواب : كون الفعل فاحشة هو عبارة عن اشتماله في ذاته على أمور باعتبارها يجب النهي عنه، وعلى هذا التقدير : فيسقط السؤال، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ٥٤ ـ ٥٦﴾


الصفحة التالية
Icon