وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ إن الذين كذبوا بآياتنا ﴾
أي : بحججنا وأعلامنا التي تدل على توحيد الله ونبوَّة الأنبياء، وتكبَّروا عن الإيمان بها ﴿ لا تُفَتَّح لهم أبواب السماء ﴾.
قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر :"تُفتَّح" ؛ بالتاء، وشددوا التاء الثانية.
وقرأ أبو عمرو "لا تُفْتَح" بالتاء خفيفة، ساكنة الفاء.
وقرأ حمزة، والكسائي :"لا يُفْتَح" بالياء مضمومة خفيفة.
وقرأ اليزيدي عن اختياره :"لا تَفتح" بتاء مفتوحة ﴿ أبوابَ السماء ﴾ بنصب الباء، فكأنه أشار إلى أفعالهم.
وقرأ الحسن : بياء مفتوحة، مع نصب الأبواب، كأنه يشير إلى الله عز وجل.
وفي معنى الكلام أربعة أقوال.
أحدها : لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء، رواه الضحاك عن ابن عباس، وهو قول أبي موسى الأشعري، والسدي في آخرين، والأحاديث تشهد به.
والثاني : لا تفتح لأعمالهم، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث : لا تفتح لأعمالهم ولا لدعائهم، رواه عطاء عن ابن عباس.
والرابع : لا تفتح لأرواحهم ولا لأعمالهم، قاله ابن جريج، ومقاتل.
وفي السماء قولان.
أحدهما : أنها السماء المعروفة، وهو المشهور.
والثاني : أن لمعنى : لا تفتح لهم أبواب الجنة ولا يدخلونها، لأن الجنة في السماء، ذكره الزجاج.
قوله تعالى :﴿ حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط ﴾ الجمل : هو الحيوان المعروف.
فإن قال قائل : كيف خص الجمل دون سائر الدواب، وفيها ما هو أعظم منه؟ فعنه جوابان.
أحدهما : أن ضرب المثل بالجمل يحصّل المقصود ؛ والمقصود أنهم لا يدخلون الجنة، كما لا يدخل الجمل في ثقَب الإبرة، ولو ذكر أكبر منه أو أصغر منه، جاز، والناس يقولون : فلان لا يساوي درهماً، وهذا لا يغني عنك فتيلاً، وإن كنا نجد أقل من الدرهم والفتيل.