" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ ﴾
هذه الجملة محتملة للحاليّة والاستئناف، ويجوزُ حينئذ في " مهاد " أن تكون فاعلاً بـ " لهم " فتكون الحال من قبيل المفرات، وأن تكون متبدأ، فتكون من قبيل الجمل.
و" مِنْ جَهَنَّمَ " حال من " مِهَاد " ؛ لأنَّهُ لو تأخر عنه لكان صفة، أو متعلق بما تعلَّق به الجار قبله.
و" جَهَنَّم " لا تنصرف لاجتماع التَّأنيث والتعريف.
وقيل : اشتقاقه من الجهومة، وهي الغلظ يقال : رجل جهم الوجْهِ أي غَلِيظه، فسميت بهذا الغلظ أمرها في العذاب.
و" المِهَاد " جمع : مَهْدٍ، وهو الفراشُ.
قال الأزهريُّ :" المَهْدُ في اللُّغة الفرش، يقال للفراش : مِهَادٌ ".
قوله :﴿ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ غواشٍ : جمع غاشية، وللنُّحاة في الجمع الذي على فواعل إذا كان منقوصاً بقياس خلاف : هل هو مُنْصَرِفٌ؟.
فبعضهم قال : هو مَنْصرفٌ ؛ لأنه قد زال [ منه ] صيغة منتهى الجموع، فصار وزنُهُ وَزْنَ جَنَاحٍ وَقَذالٍ فانصرف.
وقال الجَمْهُورُ : هو ممنوعٌ من الصَّرف، والتنوين تنوين عوضٍ.
واختلف في المعوِّض عَنْهُ ماذا؟ فالجمهور على أنَّهُ عوض من الياء المَحْذُوفَةِ.
وذهب المُبردِ إلى أنَّهُ عوض من حركتها، والكسرُ ليس كسر إعراب، وهكذا : حَوَارٍ وموالٍ وبعضهم يجرُّه بالفتحة، قال :[ الطويل ]
٢٤٦٧ - وَلَوْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ مَوْلىً هَجَوْتُهُ...
ولَكِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى مَوَالِيَا
وقال آخر :[ الرجز ]
٢٤٦٨ - قَدْ عَجِبَتْ مِنِّي وَمِنْ يُعَيْلِيَا...
لمَّا رَأتْنِي خَلَقاً مُقْلُوْلِيَا
وهذا الحكمُ ليس مختصاً بصيغة مفاعل، بل كلُّ غير منصرف إذا كان منقوصاً، فحكمهُ ما تقدَّم نحو : يُعيْل تصغير يَعْلَى ويَرْم اسم رجل، وعيله قوله :" وَمِنْ يَعَيْلِيَا " وبعض العرب يعرب " غواش " ونحوه بالحركاتِ على الحرف الذي قبل الياء المحذوفة، فيقول : هؤلاء جوارٍ.
وقرئ :" ومِنْ فَوْقِهِم غَوَاشٌ } برفع الشين، وهي كقراءة عبد الله :﴿ وَلَهُ الجوار ﴾ [ الرحمن : ٢٤ ] برفع الراء.
فإن قيل :" غَوَاش " على وزن فواعل ؛ فيكون غير منصرف فكيف دخله التنوين؟.


الصفحة التالية
Icon