قال : إنما قال :"تلكم" لأنهم وعدوا بها في الدنيا.
فكأنه قيل : لهم هذه تلكم التي وعدتم بها وقوله :﴿أُورِثْتُمُوهَا﴾ فيه قولان :
القول الأول : وهو قول أهل المعاني أن معناه : صارت إليكم كما يصير الميراث إلى أهله، والإرث قد يستعمل في اللغة، ولا يراد به زوال الملك عن الميت إلى الحي كما يقال : هذا العمل يورثك الشرف، ويورثك العار أي يصيرك إليه، ومنهم من يقول : إنهم أعطوا تلك المنازل من غير تعب في الحال فصار شبيهاً بالميراث.
والقول الثاني : أن أهل الجنة يورثون منازل أهل النار.
قال ﷺ :" ليس من كافر ولا مؤمن إلا وله في الجنة والنار منزل فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها فقيل لهم : هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله ثم يقال يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون فيقسم بين أهل الجنة منازلهم " وقوله :﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فيه مسائل :
المسألة الأولى :
تعلق من قال العمل يوجب هذا الجزاء بهذه الآية فإن الباء في قوله :﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ تدل على العلية، وذلك يدل على أن العمل يوجب هذا الجزاء، وجوابنا : أنه علة للجزاء لكن بسبب أن الشرع جعله علة له، لا لأجل أنه لذاته موجب لذلك الجزاء، والدليل عليه أن نعم الله على العبد لا نهاية لها، فإذا أتى العبد بشيء من الطاعات وقعت هذه الطاعات في مقابلة تلك النعم السالفة فيمتنع أن تصير موجبة للثواب المتأخر.
المسألة الثانية :