وذلك أن أهل الجنة لما انتهوا إلى باب الجنة، فإذا هم بشجرة تنبع من ساقها عينان، فيعمدون إلى إحداهما، فيشربون منها، فيخرج الله تعالى ما كان في أجوافهم من غل وقذر فذلك قوله تعالى :﴿ عاليهم ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وحلوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وسقاهم رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ [ الإنسان : ٢١ ] ثم يعمدون إلى الأخرى فيغتسلون فيها فيطيب الله تعالى أجسادهم من كل درن وحسد وجرت عليهم نضرة ولا تشعث رؤوسهم، ولا تغبر وجوههم، ولا تشحب أجسادهم أبداً، تتلقاهم خزنة الجنة فينادون في التقديم أي : قبل أن يدخلوها ﴿ أَن تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ فقالوا بعد ما اغتسلوا من العينين ﴿ الحمد لِلَّهِ الذى هَدَانَا لهذا ﴾ أي : وفقنا حتى اغتسلنا من هاتين العينين.
ويقال : لما دخلوا الجنة ونظروا إلى كراماتها قَالُوا :﴿ الحمد لِلَّهِ الذى هَدَانَا ﴾ يعني : لهذا الثواب ﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله ﴾ أي : ما كنا لولا أن وفقنا الله.
ذلك أنهم علموا أن الله تعالى له عليهم المن والفضل فيما أعطاهم.
قرأ ابن عامر ﴿ مَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ ﴾ بغير واو على الاستئناف.
وقرأ الباقون والواو وعلى معنى العطف.
﴿ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبّنَا بالحق ﴾ يعني : جاءت رسل ربنا بالحق فصدقناهم ﴿ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الجنة ﴾ قال بعضهم : قبل أن يدخلوها قال لهم خزنة الجنة تلكم الجنة التي وعدتم.
ويقال بعد ما دخلوا بها يقال لهم : تلك الجنة أي : هذه الجنة التي ﴿ أُورِثْتُمُوهَا ﴾ يعني : أنزلتموها بإيمانكم واقتبستموها ﴿ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ في دار الدنيا.
وهذا كما روي في الخبر أنه يقال لهم يوم القيامة :" جُوزُوا الصِّراطَ بِعَفْوِي وَادْخُلُوا الجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَاقْتَسِمُوها بِأَعْمَالِكُمْ ". أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon