وقال ابن عطية :
﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ ﴾
هذا إخبار من الله عز وجل عما يكون منهم، وعبر عن معان مستقبلة بصيغة ماضية وهذا حسن فيما يحقق وقوعه، وهذا النداء من أهل الجنة لأهل النار تقريع وتوبيخ وزيادة في الكرب وهو بأن يشرفوا عليهم ويخلق الإدراك في الأسماع والأبصار، وقرأ جمهور الناس " نعَم " بفتح العين، وقرأ الكسائي " نعِم " بكسر العين ورويت عن عمر بن الخطاب وعن النبي ﷺ وقرأها ابن وثاب والأعمش قال الأخفش هما لغتان، ولم يحك سيبويه الكسر، وقال :" نعم " عدة وتصديق أي مرة هذا ومرة هذا، وفي كتاب أبي حاتم عن الكسائي عن شيخ من ولد الزبير قال : ما كنت أسمع أشياخ قريش يقولون : إلا " نعِم " بكسر العين ثم فقدتها بعده، وفيه عن قتادة عن رجل من خثعم قال : قلت للنبي ﷺ : أنت تزعم أنك نبي : ؟ قال :" نعِم " بكسر العين، وفيه عن أبي عثمان النهدي قال : سأل عمر عن شيء فقالوا نعم، فقال عمر : النعم الإبل والشاء، وقولوا " نعِم " بكسر العين. قال أبو حاتم : وهذه اللغة لا تعرف اليوم بالحرمين، وقوله ﴿ فأذن مؤذن بينهم ﴾ الآية ؛ قال أبو علي الفارسي والطبري وغيرهما :" أذن مؤذن " بمعنى أعلم معلم، قال سيبويه : أذنت إعلام بتصويت، وقرأ ابن كثير في رواية قنبل ونافع وأبو عمر وعاصم " أنْ لعنةُ الله " بتخفيف " أنْ " من الثقيلة ورفع اللعنة.


الصفحة التالية