وقال أبو حيان :
﴿ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم ﴾.
عبر بالماضي عن المستقبل لتحقّق وقوعه وهذا النداء فيه تقريع وتوبيخ وتوقيف على مآل الفريقين وزيادة في كرب أهل النار بأن شرفوا عليهم وبخلق إدراك أهل النار لذلك النداء في أسماعهم، قال الزمخشري : وإنما قالوا لهم ذلك اغتباطاً بحالهم وشماتة بأهل النار وزيادة في غمّهم وليكون حكايته لطفاً لمن سمعها وكذلك قول المؤذّن بينهم أن لعنة الله على الظالمين وهو ملك يأمره الله تعالى فينادي بينهم يسمع أهل الجنة وأهل النار وأتى في إخبار أهل الجنة ﴿ ما وعدنا ﴾ بذكر المفعول وفي قصة أهل النار ما وعد ولم يذكر مفعول ﴿ وعد ﴾ لأنّ أهل الجنة مستبشرون بحصول موعودهم فذكروا ما وعدهم الله مضافاً إليهم ولم يذكروا حين سألوا أهل الجنة متعلق ﴿ وعد ﴾ باسم الخطاب فيقولوا :﴿ ما وعدكم ﴾ ليشمل كل موعود من عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة وتكون إجابتهم بنعم تصديقاً لجميع ما وعد الله بوقوعه في الآخرة للصفين ويكون ذلك اعترافاً منهم بحصول موعود المؤمنين ليتحسّروا على ما فاتهم من نعيمهم إذ نعيم أهل الجنة مما يخزيهم ويزيد في عذابهم ويحتمل أن يكون حذف المفعول الذي للخطاب لدلالة ما قبله عليه وتقديره ﴿ فهل وجدتم ما وعد ربكم ﴾، وقرأ ابن وثاب والأعمش والكسائي ﴿ نعم ﴾ بكسر العين، ويحتمل أن تكون تفسيريّة وأن تكون مصدرية مخففة من أن الثقيلة وإذا ولى المخففة فعل متصرف غير دعاء فصل بينهما بقد في الأجود كقوله :﴿ أن قَد وجدنا ﴾.


الصفحة التالية
Icon