وقال الآلوسى :
﴿ الَّذِينَ اتخذوا دِينَهُمْ ﴾
الذي أمرهم الله تعالى به أو الذي يلزمهم التدين بن ﴿ لَهْوًا وَلَعِبًا ﴾ فلم يتدينوا به أو فحرموا ما شاؤوا واستحلوا ما شاؤوا، واللهو كما قيل صرف الهم إلى ما لا يحسن أن يصرف إليه، واللعب طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب، وقد تقدم تفصيل الكلام فيهما فتذكر ﴿ وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا ﴾ شغلتهم بزخارفها العاجلة ومواعيدها الباطلة وهذا شأنها مع أهلها قاتلها الله تعالى تغر وتضر وتمر ﴿ فاليوم ننساهم ﴾ نفعل بهم فعل الناسي بالمنسي من عدم الاعتداد بهم وتركهم في النار تركاً كلياً فالكلام خارج مخرج التمثيل، وقد جاء النسيان بمعنى الترك كثيراً ويصح أن يفسر به هنا فيكون استعارة أو مجازاً مرسلاً، وعن مجاهد أنه قال : المعنى نؤخرهم في النار، وعليه فالظاهر أن ننساهم من النسء لا من النسيان.
والفاء في قوله تعالى :﴿ فاليوم ﴾ فصيحة.
وقوله عز وعلا.
﴿ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هذا ﴾ قيل : في محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي ننساهم نسياناً مثل نسيانهم لقاء هذا اليوم العظيم الذي لا ينبغي أن ينسى.
وليس الكلام على حقيقته أيضاً لأنهم لم يكونوا ذاكري ذلك حتى ينسوه بل شبه عدم إخطارهم يوم القيامة ببالهم وعدم استعدادهم له بحال من عرف شيئاً ثم نسيه.
وعن ابن عباس ومجاهد والحسن أن المعنى كما نسوا العمل للقاء يومهم هذا وليس هذا التقدير ضرورياً كما لا يخفى، وذهب غير واحد إلى أن الكاف للتعليل متعلق بما عنده لا للتشبيه إذ يمنع منه قوله تعالى :﴿ وَمَا كَانُواْ بآياتنا يَجْحَدُونَ ﴾ لأنه عطف على ﴿ مَا نَسُواْ ﴾ وهو يستدعي أن يكون مشبهاً به النسيان مثله.
وتشبيه النسيان بالجحود غير ظاهر، ومن ادعاه قال : المراد نتركهم في النار تركاً مستمراً كما كانوا منكرين أن الآيات من عند الله تعالى إنكاراً مستمراً.


الصفحة التالية
Icon