وهذا القول يقوله بعضهم لبعض اعترافاً بخطئهم في تكذيبهم الرّسول ﷺ وما أخبر به عن الرّسل من قبله، ولذلك جمع الرّسل هنا، مع أنّ الحديث عن المكذّبين محمّداً ﷺ وذلك لأنّ رسول الله ﷺ ضرب لهم الأمثال بالرّسل السابقين، وهم لما كذّبوه جرَّأهم تكذيبه على إنكار بعثة الرّسل إذ قالوا ﴿ ما أنزل الله على بشر من شيء ﴾ [ الأنعام : ٩١ ] أو لأنّهم مشاهدون يومئذ ما هو عقاب الأمم السّابقة على تكذيب رسلهم، فيصدر عنهم ذلك القول عن تأثّر بجميع ما شاهدوه من التّهديد الشّامل لهم ولمن عداهم من الأمم.
وقولهم :﴿ قد جاءت رسل ربنا بالحق ﴾ خبر مستعمل في الإقرار بخطَئهم في تكذيب الرّسل، وإنشاء للحسرة على ذلك، وإبداء الحيرة فيما ذا يَصْنعون.
ولذلك رتّبوا عليه وفرعوا بالفاء قولهم :﴿ فهل لنا من شفعاء ﴾ إلى آخره.
والاستفهام يجوز أن يكون حقيقياً يقوله بعضهم لبعض، لَعلّ أحدهم يرشدهم إلى مخلص لهم من تلك الورطة، وهذا القول يقولونه في ابتداء رؤية ما يهدّدهم قبل أن يوقنوا بانتفاء الشّفعاء المحكي عنهم في قوله تعالى :﴿ فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ﴾ [ الشعراء : ١٠٠، ١٠١ ] ويجوز أن يكون الاستفهام مستعملاً في التّمني، ويجوز أن يكون مستعملاً في النّفي.
على معنى التّحسّر والتّندم.
و﴿ من ﴾ زائدة للتّوكيد.
على جميع التّقادير.
فتفيد توكيد العموم في المستفهم عنه، ليفيد أنّهم لا يسألون عمن توهموهم شفعاء من أصنامهم، إذ قد يئسوا منهم.
كما قال تعالى :﴿ وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ﴾ [ الأعراف : ٩٤ ] بل هم يتساءلون عن أي شفيع يشفع لهم.
ولو يكون الرّسول عليه الصّلاة والسّلام الذي ناصبوه العَداء في الحياة الدّنيا.
ونظيره قوله تعالى في سورة المؤمن ( ١١ ) ﴿ فهل إلى خروج من سبيل.
وانتصب ﴿ فيشفعوا ﴾ على جواب الاستفهام، أو التّمنّي، أو النّفي.


الصفحة التالية
Icon