"والشفعاء" جمع شفيع وهو الذي يسعى بالشّفاعة، وهم يُسمّون أصنامهم شفعاء قال تعالى :﴿ ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ﴾ [ يونس : ١٨ ].
وتقدّم معنى الشّفاعة عند قوله تعالى :﴿ ولا يقبل منها شفاعة ﴾ في سورة البقرة ( ٤٨ ).
وعند قوله :﴿ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ﴾ في سورة البقرة ( ٢٥٤ ) وعند قوله :﴿ من يشفع شفاعة حسنة ﴾ في سورة النّساء ( ٨٥ ).
وعطف فعل نرد } بـ ( أو ) على مدخول الاستفهام، فيكون الاستفهام عن أحد الأمرين، لأنّ أحدهما لا يجتمع مع الآخر، فإذا حصلت الشّفاعة فلا حاجة إلى الردّ، وإذا حصل الردّ استغني عن الشّفاعة.
وإذ كانت جملة ﴿ لنا من شفعاء ﴾ واقعة في حيز الاستفهام، فالتي عطفت عليها تكون واقعة في حيز الاستفهام، فلذلك تعين رفع الفعل المضارع في القراءات المشهورة، ورفعه بتجّرده عن عامل النّصب وعامل الجزم، فوقع موقع الاسم كما قدّره الزمخشري تبعاً للفراء، فهو مرفوع بنفسه من غير احتياج إلى تأويل الجملة التي قبله، بردّها إلى جملة فعليّة، بتقدير : هل يشفع لنا شفعاء كما قدّره الزّجاج، لعدم المُلجىء إلى ذلك، ولذلك انتصب :﴿ فنعمل ﴾ في جواب ﴿ نرد ﴾ كما انتصب ﴿ فيشفعوا ﴾ في جواب ﴿ فهل لنا من شفعاء ﴾.
والمراد بالعمل في قولهم :﴿ فنعمل ﴾ ما يشمل الاعتقاد، وهو الأهم، مثل اعتقاد الوحدانيّه والبعث وتصديق الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، لأنّ الاعتقاد عمل القلب، ولأنّه تترتّب عليه آثار عمليّة، من أقوال وأفعال وامتثال.
والمراد بالصّلة في قوله :﴿ الذي كنا نعمل ﴾ ما كانوا يعملونه من أمور الدين بقرينة سياق قولهم :{ قد جاءت رسل ربنا بالحق أي فنعمل ما يغاير ما صممنا عليه بعد مجيء الرّسول عليه الصّلاة والسّلام.