أجاب المتكلمون : بأن شدة اشتغالهم بتلك الآلام الشديدة يمنعهم عن الإقدام على التوبة ولقائل أن يقول : إذا كانت تلك الآلام لا تمنعهم عن هذه المناظرات، فكيف تمنعهم عن التوبة التي بها يتخلصون عن تلك الآلام الشديدة ؟
واعلم أن المعتزلة الذين يقولون يجب على الله قبول التوبة لا خلاص لهم عن هذا السؤال.
أما أصحابنا لما قالوا إن ذلك غير واجب عقلاً قالوا لله تعالى أن يقبل التوبة في الدنيا، وأن لا يقبلها في الآخرة، فزال السؤال. والله أعلم.
المسألة الثانية :
قال سيبويه :﴿نَعَمْ﴾ عدة وتصديق، وقال الذين شرحوا كلامه معناه : إنه يستعمل تارة عدة، وتارة تصديقاً، وليس معناه : أنه عدة وتصديق معاً ألا ترى أنه إذا قال : أتعطيني ؟ وقال نعم كان عدة ولا تصديق فيه، وإذا قال : قد كان كذا وكذا.
فقلت : نعم فقد صدقت ولا عدة فيه، وأيضاً إذا استفهمت عن موجب كما يقال : أيقوم زيد ؟ قلت : نعم ولو كان مكان الإيجاب نفياً لقلت : بلى ولم تقل نعم فلفظة نعم مختصة بالجواب عن الإيجاب، ولفظة بلى مختصة بالنفي كما في قوله تعالى :﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ].
المسألة الثالثة :
قرأ الكسائي ﴿نِعْمَ﴾ بكسر العين في كل القرآن.
قال أبو الحسن : هما لغتان قال أبو حاتم : الكسر ليس بمعروف، واحتج الكسائي بأنه روى عن عمر أنه سأل قوماً عن شيء فقالوا : نعم.
فقال عمر : أما النعم فالإبل.
قال أبو عبيدة : هذه الرواية عن عمر غير مشهورة.
أما قوله تعالى :﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
معنى التأذين في اللغة النداء والتصويت بالإعلام، والأذان للصلاة إعلام بها وبوقتها، وقالوا في :﴿أَذَّنَ مُؤَذّنٌ﴾ نادى مناد أسمع الفريقين.
قال ابن عباس : وذلك المؤذن من الملائكة وهو صاحب الصور.
المسألة الثانية :