فالجواب : أن هذا حديث منكر على ابن عباس رضي الله عنهما، ونقلَتُه مجهولة وضعفاء، فأما عبد الله بن داود الواسطي وعبد الوهاب بن مجاهد فضعيفان.
وإبراهيم بن عبد الصمد مجهول لا يُعرف، وهم لا يقبلون بأخبار الآحاد، فكيف يسوغ لهم الإحتجاج بمثل هذا الحديث، لو عقلوا وأنصفوا ؟ أما سمعوا الله سبحانه حيث يقول :﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً ﴾ ؟ فدل على أن موسى عليه الصلاة والسلام كان يقول : إلهي في السماء وفرعون يظنه كاذباً. قال الشاعر :
~فسبحان من لا يقدرالخلق قدره ومن هو فوق العرش فرد مُوحد
~مليك على عرش السماء مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد
وهذا الشعر لأمية بن أبي الصلت. وفيه يقول في وصف الملائكة :
~وساجدهم لا يرفع الدهر رأسه يعظم رباً فوقه ويُمجد
قال : فإن احتجوا بقوله تعالى :﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾ وبقوله تعالى :﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ﴾، وبقوله تعالى :﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُم ﴾، وزعموا أن الله سبحانه في كل مكان بنفسه وذاته - تبارك وتعالى جده - قيل : لا خلاف بيننا وبينكم وبين سائر الأمة أنه ليس في الأرض دون السماء بذاته، فوجب حمل هذه الآيات على المعنى الصحيح المجمع عليه، وذلك أنه في السماء إله معبود من أهل السماء، وفي الأرض إله معبود من أهل الأرض، وكذا قال أهل العلم بالتفسير.


الصفحة التالية
Icon