وهذا أصل ضلال الجهمية من المعتزلة، ومن وافقهم على مذهبهم، فإنهم يظهرون للناس التنزيه، وحقيقة كلامهم التعطيل، فيقولون : نحن لا نجسم، بل نقول : الله ليس بجسم، ومرادهم بذلك نفي حقيقة أسمائه وصفاته.
إلى أن قال : فهو سبحانه موصوف بصفات الكمال، منزه عن كل نقص وعيب، ولهذا كان مذهب سلف الأمة وأئمتها أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيثبتون ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وينزهونه عما نزه عنه نفسه من مماثلة المخلوقات، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل. قال عز شأنه :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
فقوله :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ رد على الممثلة، وقوله تعالى :﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ رد على المعطلة. انتهى ملخصاً.
قال رضي الله عنه في جواب على سؤال رفع إليه نصه : الإستواء هل هو حقيقة أو مجاز ؟ : ما نصه ملخصاً :
القول في الإستواء والنزول كالقول في سائر الصفات التي وصف بها نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله ﷺ، فإن الله تعالى سمى نفسه بأسماء، ووصف بصفات، فالقول في بعض هذه الصفات، كالقول في بعض، ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فلا يجوز نفي صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه، ولا يجوز تمثيلها بصفات المخلوقين.