قال الشهاب : وسماه أمرا على التشبيه، إذ جعل هذه الأشياء لكونها تابعة لتدبيره وتصريفه كما يشاء كأنهم مأمورات منقادة لأمره، ويصح حمله على ظاهره. انتهى.
أي : وهو الكلام، فيكون تعالى أمره هذه الأجرام بالسير الدائم، والحركة المستمرة إلى انقضاء الدنيا، وخراب هذا العالم. وقد قرئ :﴿ وَالشَّمْسَ ﴾ وما بعده بالنصب، عطفاً على
﴿ السَّمَوَات ﴾ ونصب :﴿ مُسَخَّرَاتٍ ﴾ على الحال. وقرأها ابن عامر كلها بالرفع على الإبتداء، والخبر :﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾ أي : هو الذي خلق الأشياء كلها، وهو الذي صرفها على حسن إرادته، وفسر الأمر بالقضاء والحكم.
تنبيهان :
الأول : استخرج سفيان بن عيينة من هذا المعنى، أن كلام الله عز وجل ليس بمخلوق، فقال : إن الله تعالى فرق بين الخلق والأمر، فمن جمع بينهما فقد كفر، يعني أن من جعل الأمر الذي هو كلامه تعالى، من جملة ما خلقه فقد كفر، لأن المخلوق لا يقوم بمخلوق مثله. كذا في " اللباب ".
قال في " الإكليل " : استدل به ابن عيينة على أن القرآن غير مخلوق، أخرجه ابن أبي حاتم. لأن الأمر هو الكلام، وقد عطفه على الخلق، فاقتضى أن يكون غيره، لأن العطف يقتضي المغايرة، وسبقه إلى هذا الاستنباط محمد بن كعب القرظي. انتهى.
الثاني : قال في " اللباب " : في الآية دليل على أنه لا خالق إلا الله عز وجل، أي : للحصر المستفاد من تقديم الظرف، ففيه رد على من يقول : إن للشمس والقمر والكواكب تأثيرات في هذا العالم.
﴿ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : تقدس وتنزه وتعالى وتعاظم. قال في " التاج " : سئل أبو العباس عن تفسير :﴿ تَبَارَكَ اللّهُ ﴾ فقال : ارتفع. انتهى. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٧ صـ ٦٩ ـ ١٠٤﴾


الصفحة التالية
Icon