وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية حفص ﴿ يُغْشِي ﴾ بضمّ الياء وسكون الغين وتخفيف الشّين.
وقرأه حمزة، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر، ويعقوب، وخلَف بضمّ الياء وفتح الغين وتشديد الشّين وهما بمعنى واحد في التّعدية.
وجملة :﴿ يطلبه ﴾ إن جعلت استينافاً أو بدلَ اشتمال من جملة ( يغشي ) فأمرها واضح، واحتمل الضّمير المنصوب في ( يطلبه ) أن يعود إلى اللّيل وإلى النّهار، وإن جعلت حالا تعين أن تعتبر حالاً من أحد المفعولين على السَّواء فإنّ كلاً اللّيل والنّهار يعتبر طالباً ومطلوباً، تبعاً لاعتبار أحدهما مفعولاً أوّل أو ثانياً.
وشُبّه ظهور ظلام اللّيل في الأفق ممتداً من المشرق إلى المغرب عند الغروب واختفاء نور النّهار في الأفق ساقطاً من المشرق إلى المغرب حتّى يعمّ الظّلامُ الأفقَ بطلب اللّيل النّهارَ، على طريقة التّمثيل، وكذلك يفهم تشبيه امتداد ضوء الفجر في الأفق من المشرق إلى المغرب واختفاءُ ظلام اللّيل في الأفق ساقطاً في المغرب حتّى يعمّ الضياء الأفقَ : بطلب النّهار اللّيلَ على وجه التّمثيل، ولا مانع من اعتبار التّنازع للمفعولين في جملة الحال كما في قوله تعالى :﴿ فأتت به قومها تحمله ﴾ [ مريم : ٢٧ ] وقوله :﴿ والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ﴾.
والحثيث : المسرع، وهو فعيل بمعنى مفعول، من حثَه إذا أعجله وكَرّر إعجاله ليبادر بالعجلة، وقريب من هذا قول سلامة من جَنْدَل يذكر انتهاء شبابه وابتداء عصر شيْبه:
أوْدَى الشّبابُ الذي مَجْدٌ عواقِبه...
فيهِ نَلَذَّ ولا لَذّاتتِ للشّيب
ولَّى حثيثاً وهذا الشّيبُ يَتَبَعُه...
لو كان يُدْرِكه ركْضُ اليَعاقيبِ
فالمعنى يطلبه سريعاً مُجدّاً في السّرعة لأنّه لا يلبث أن يعفى أثره.


الصفحة التالية
Icon