والثاني : الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. لأنه لا يصف الله اعلم بالله من الله ﴿ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله ﴾ [ البقرة : ١٤٠ ]، ولا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله ﷺ الذي قال فيه :﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى ﴾ [ النجم : ٣-٤ ] فمن نفى عن الله وصفاً أثبته لنفسه في كتابه العزيز، أو أثبته له رسوله ﷺ زاعماً أن ذلك الوصف يلزمه ما لا يليق بالله جل وعلا، فقد جعل نفسه أعلم من الله ورسوله بما يليق بالله جل وعلا. ﴿ سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [ النور : ١٦ ].
ومن اعتقد أن وصف الله يشابه صفات الخلق، فهو مشبه ملحد ضال، ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة الخلق، فهو مؤمن جامع بين الإيمان بصفات الكمال والجلال، والتنزيه عن مشابهة الخلق، سالم من ورطة التشبيه والتعطيل، والآية التي أوضح الله بها هذا. هي قوله تعالى :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السميع البصير ﴾ [ الشورى : ١١ ] فنفى عن نفسه جل وعلا مماثلة الحوادث بقوله :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ وأثبت لنفسه صفات الكمال والجلال بقوله :﴿ وَهُوَ السميع البصير ﴾ فصرح في هذه الآية الكريمة بنفي المماثلة مع الاتصاف بصفات الكمال والجلال.
والظاهر أن السر في تعبيره بقوله :﴿ وَهُوَ السميع البصير ﴾ دون أن يقول مثلاً : وهو العلي العظيم أو نحو ذلك من الصفات الجامعة.