هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنَ اللَّفْظِ عِنْدَنَا. وَمِنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ مَنْ جَعَلَ التَّضَرُّعَ وَالْخُفْيَةَ مُتَّفِقَيْنِ غَيْرَ مُتَقَابِلَيْنِ، بِتَفْسِيرِ التَّضَرُّعِ بِالتَّخَشُّعِ وَالتَّذَلُّلِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَجَعَلَ النَّاسَ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ " هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ : فَفِيهِ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إِذَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إِلَى رَفْعِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا خَفَضَهُ كَانَ أَبْلَغَ فِي تَوْقِيرِهِ وَتَعْظِيمِهِ، فَإِذَا دَعَتْ حَاجَةٌ إِلَى الرَّفْعِ رَفَعَ كَمَا جَاءَتْ بِهِ أَحَادِيثُ اهـ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْإِنْكَارَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْجَهْرِ وَنَاهِيكَ بِكَوْنِهِ مِنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرِينَ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَظُنُّ أَنَّ الْجَهْرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ أَرْضَى لِلرَّبِّ وَأَرْجَى لِلْقَبُولِ، وَقَالَ تَعَالَى :(وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) (١٧ : ١١٠).
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ :" إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ فَقِهَ الْفِقْهَ الْكَثِيرَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصَلِّيَ