إذن من الذي يحدد قرب الرحمة منه؟ إنه الإِنسان فإذا أحسن قربت منه الرحمة والزمام في يد الإِنسان ؛ لأن الله لا يفتئت ولا يستبد بأحد. فإن كنت تريد أن تقرب منك رحمة الله فعليك بالإِحسان. ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين ﴾.
ولذلك قلنا إن الحق سبحانه وتعالى يقول :" لا أمل حتى تملّوا ". [ من حديث قدسي ]
وأنت تدخل بيوت الله تصلى في أي وقت، وتقف في أي مكان لتؤدي الصلاة، إذن فاستحضارك أمام ربك في يدك أنت، وسبحانه حدد لك خمسة أوقات، ولكن بقية الأوقات كلها في يدك، وتستطيع أن تقف بين يدي الله في أي لحظة. وسبحانه يقول :" ومن جاءني يمشي أتيته هرولة "
[ من حديث قدسي ]. وهو جل وعلا يوضح لك : استرح أنت وسآتي لك أنا ؛ لأن الجري قد يتعبك لكني لا يعتريني تعب ولا عي ولا عجز. وكأن الحق لا يطلب من العبد إلا أن يملك شعوراً بأنه يريد لقاء ربه. إذن فالمسألة كلها في يدك، ويقول سبحانه :" من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ".
[ من حديث قدسي ].
وهكذا يؤكد لك سبحانه أن رحمته في يدك أنت وقد أعطاها لك، وعندما تسلسلها تجدها تفضلاً من الله، ولكن في يدك أنت. ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين ﴾.
ونعلم أن فيه صفات لله وفيه ذات، فالذات ( الله ) وهو واهب الوجود، وله كل صفات الكمال وكل صفة لها متعلق ؛ الرحمة لها متعلق والبعث له متعلق فمن أسمائه سبحانه " الباعث " ؛ وإياك أن تغيب عن الذات، اجعل نفسك مسبحاً لذاته العلية دائماً. وقد تقول : يا رب أريد أن ترحمني في كذا، وقد لا ينفذ لك ما طلبت، لكن ذلك لا يجعلك تبتعد عن التسبيح للذات، لأن عدم تحقيق ما طلبت هو في مصلحتك وخير لك.


الصفحة التالية
Icon