وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى ﴿ إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾ الْآيَةُ. وَقَوْلُهُ :﴿ إنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلَّا إنَاثًا ﴾ الْآيَةُ. وَقَوْلُهُ :﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ ﴾ الْآيَةُ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ فِيهِ دُعَاءَ الْمُشْرِكِينَ لِأَوْثَانِهِمْ فَالْمُرَادُ بِهِ دُعَاءُ الْعِبَادَةِ الْمُتَضَمِّنُ دُعَاءَ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ فِي دُعَاءِ الْعِبَادَةِ أَظْهَرُ ؛ لِوُجُوهِ ثَلَاثَةٍ :" أَحَدُهَا " أَنَّهُمْ قَالُوا :﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ فَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ دُعَاءَهُمْ إيَّاهُمْ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ. " الثَّانِي " أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى : فَسَّرَ هَذَا الدُّعَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ﴾ ﴿ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿ إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴾. وقَوْله تَعَالَى ﴿ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ فَدُعَاؤُهُمْ لِآلِهَتِهِمْ هُوَ عِبَادَتُهُمْ. " الثَّالِثُ " أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا فِي الرَّخَاءِ فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الشَّدَائِدُ دَعَوْا اللَّهَ وَحْدَهُ وَتَرَكُوهَا وَمَعَ هَذَا فَكَانُوا يَسْأَلُونَهَا بَعْضَ حَوَائِجِهِمْ وَيَطْلُبُونَ مِنْهَا وَكَانَ دُعَاؤُهُمْ لَهَا دُعَاءَ عِبَادَةٍ وَدُعَاءَ مَسْأَلَةٍ. وقَوْله تَعَالَى ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ هُوَ دُعَاءُ الْعِبَادَةِ وَالْمَعْنَى اُعْبُدُوهُ وَحْدَهُ وَأَخْلِصُوا عِبَادَتَهُ لَا تَعْبُدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ.


الصفحة التالية
Icon