وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ﴾
فيه ستة أقوال.
أحدها : لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها بالإيمان.
والثاني : لا تفسدوها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل.
والثالث : لا تفسدوها بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة.
والرابع : لا تعصوا، فيمسك الله المطر، ويهلك الحرث بمعاصيكم بعد أن أصلحها بالمطر والخصب.
والخامس : لا تفسدوها بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه.
والسادس : لا تفسدوها بتكذيب الرسل بعد إصلاحها بالوحي.
وفي قوله :﴿ وادعوه خوفاً وطمعاً ﴾ قولان.
أحدهما : خوفاً من عقابه، وطمعاً في ثوابه.
والثاني : خوفاً من الردِّ وطمعاً في الإِجابة.
قوله تعالى :﴿ ان رحمة الله قريب من المحسنين ﴾ قال الفراء : رأيت العرب تؤنِّث القريبة في النسب، لا يختلفون في ذلك، فإذا قالوا : دارك منا قريب، أو فلانة منا قريب، من القرب والبعد، ذكّروا وأنَّثوا، وذلك أنهم جعلوا القريب خَلَفاً من المكان، كقوله :﴿ وما هي من الظالمين ببعيد ﴾ [ هود : ٨٣ ] وقوله تعالى :﴿ وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً ﴾ [ الأحزاب : ٦٣ ] ولو أُنِّث ذلك لكان صواباً.
قال عروة :
عَشِيَّةَ لاَ عَفْرَاءُ مِنْكَ قريبةٌ...
فَتَدْنُو وَلاَ عَفْرَاءُ مِنْكَ بَعيدُ
وقال الزجاج : إنما قيل :﴿ قريب ﴾ لأن الرحمة والغفران والعفو بمعنى واحد، وكذلك كل تأنيث ليس بحقيقي.
وقال الأخفش : جائز أن تكون الرحمة هاهنا في معنى المطر. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾