السابع : أن العرب قد تخبر عن المضاف إليه وتترك المضاف كقوله تعالى :﴿ فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين ﴾ [ الشعراء : ٤ ] فإن خاضعين خبر عن الضمير المضاف إليه الأعناق لا عن الأعناق ألا ترى أنك إذا قلت : الأعناق خاضعون لا يجوز لأن الجمع المذكر السالم إنما يكون من صفات العقلاء فلا يقال أيد طويلون ولا كلاب نابحون.
وتعقب بأنه لعل هذا راجع إلى القول بالزيادة وقد علمت ما فيه.
وقد قيل : إن المراد بالأعناق الرؤساء والمعظمون.
وقيل : الجماعة كما يقال : جاء زيد في عنق من الناس أي في جماعة.
وقال الروذراوري : إنه لو ساغ الإعراض عن المضاف والحكم على المضاف إليه لساغ أن يقال : كان صاحب الدرع سابغة ومالك الدار متسعة وليس فليس.
الثامن : أن الرحمة والرحم متقاربان لفظاً وهو واضح ومعنى بدليل النقل عن أئمة اللغة فأعطي أحدهما حكم الآخر.
وتعقب بأنه ليس بشيء لأن الوعظ والموعظة تتقارب أيضاً فينبغي أن يجيز هذا القائل أن يقال : موعظة نافع وعظة حسن وكذلك الذكر والذكرى فينبغي أن يقال : ذكرى نافع كما يقال : ذكر نافع.
التاسع : أن فعيلا هنا بمعنى النسب فقريب معناه ذات قرب كما يقول الخليل في حائض : إنه بمعنى ذات حيض.
وتعقب بأنه باطل لأن اشتمال الصفات على معنى النسب مقصور على أوزان خاصة وهي فعال وفعل وفاعل.
العاشر : ما قاله الروزراوري أن فعيلا مطلقاً يشترك فيه المؤنث والمذكر.
وتعقب بأنه من أفسد ما قيل لأنه خلاف الواقع في كلام العرب فإنهم يقولون : امرأة ظريفة وعليمة وحليمة ورحيمة ولا يجوز التذكير في شيء من ذلك ولهذا قال أبو عثمان المازني في قوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٨ ] أن بغيا فعول والأصل بغوى ثم قبلت الواو ياء والضمة كسرة وأدغمت الياء في الياء، وأما قوله :
فتور القيام قطيع الكلام...
تفتر عن در عروب حصر
فالجواب عنه من أوجه : أحدها : أنه نادر.


الصفحة التالية
Icon