وقال أبو السعود :
﴿ والبلد الطيب ﴾
أي الأرضُ الكريمةُ التربة ﴿ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبّهِ ﴾ بمشيئته وتيسيرِه، عبَّر عن كثرة النباتِ وحسنِه وغزارةِ نفعه لأنه أوقعه في مقابلة قولِه تعالى :﴿ والذى خَبُثَ ﴾ من البلاد كالسبخة والحرَّة ﴿ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا ﴾ قليلاً عديمَ النفع، ونصبُه على الحال والتقديرُ والبلدُ الذي خبُث لا يخرُج نباتُه إلا نكِداً، فحُذف المضافُ وأقيم المضافُ إليه مُقامَه فصار مرفوعاً مستتراً وقرىء لا يُخرِج إلا نكداً أي لا يخرجه البلدُ إلا نكداً فيكون إلا نكداً مفعولَه، وقرىء نَكَداً على المصدر أي ذا نَكَدٍ، ونَكْداً بالإسكان للتخفيف ﴿ كذلك ﴾ أي مثلَ ذلك التصريفِ البديعِ ﴿ نُصَرّفُ الآيات ﴾ أي نرددها ونكررها ﴿ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ نعمةَ الله تعالى فيتفكرون فيها ويعتبرون بها، وهذا كما ترئ مثلٌ لإرسال الرسلِ عليهم السلام بالشرائع التي هي ماءُ حياةِ القلوبِ إلى المكلَّفين المنقسِمين إلى المقتبِسين من أنوارها والمحرومين من مغانمِ آثارِها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾