عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أخذت الناس ريح بطريق مكة وعمر حاج فاشتدت فقال عمر لمن حوله ما بلغكم في الريح فلم يرجعوا إليه شيئاً وبلغني الذي سأل عمر عنه من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أدركت عمر وكنت في مؤخر الناس فقلت : يا أمير المؤمنين أخبرت أنك سألت عن الريح فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول " الريح من روح الله تعالى تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله من خيرها واستعيذوا بالله من شرها " رواه الشافعي رضي الله عنه بطوله وأخرجه أبو داود في المسند عنه.
وقال كعب الأحبار : لو حبس الله الريح عن عباده ثلاثة أيام لأنتن أكثر أهل الأرض وقوله تعالى :﴿ حتى إذا أقلّت سحاباً ثقالاً ﴾ يقال أقل فلان الشيء إذا حمله واشتقاق الإقلال من القلة فإن من يرفع شيئاً يراه قليلاً والسحاب جمع سحابة وهو الغيم فيه ماء أو لم يكن فيه ماء سمي سحاباً لانسحابه في الهواء.
والمعنى : حتى إذا حملت هذه الرياح سحاباً ثقالاً بما فيه من الماء قال السدي : إن الله تبارك وتعالى يرسل الرياح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين وهما طرفا السماء والأرض حيث يلقيان فتخرجه من ثم، ثم تنشره فتبسطه في السماء كيف يشاء ثم تفتح له أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب ثم يمطر السحاب بعد ذلك.
وقيل إن الله تعالى دبر بحكمته أن الرياح تتحرك تحريكاً شديداً فتثير السحاب ثم ينضم بعضه إلى بعض فيتراكم وينعقد ويحمل الماء ثم تسوقه إلى حيث يشاء الله عز وجل وهو قوله تعالى :﴿ سقناه لبلد ميت ﴾ يعني إلى بلد فتكون اللام بمعنى إلى.
وقيل : معناه لأجل حياة بلد ميت وإنما قال سقنا، لأن لفظ السحاب مذكر وإن كان جمع سحابة فكان ورود الكناية عنه على سبيل التذكير جائزاً نظراً إلى اللفظ، قال الأزهري رحمه الله تعالى : قال الليث البلد كل موضع من الأرض عامراً أو غير عامر خال أو مسكون والطائفة منها بلدة والجمع بلاد.


الصفحة التالية
Icon