وكلّ ذلك غاية لتقدّم الرياح، لأنّ المفرّع عن الغاية هو غاية.
الثّقال : البطيئة التّنقّل لما فيها من رطوبة الماء، وهو البخار، وهو السّحاب المرجوّ منه المطر، ومن أحسن معاني أبي الطّيب قوله في :"حسن الاعتذار":
ومِنَ الخَيْرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عَنِّي...
أسْرَعُ السُّحْب في المَسير الجهَام
وطُوي بعضُ المغيَّا : وذلك أنّ الرّياح تُحرّك الأبْخِرَة التي على سطح الأرض، وتُمِدّها برطوبات تسوقها إليها من الجهات الندِيَّة التي تمرّ عليها كالبحار والأنهار، والبُحيرات والأراضين الندِيَّة، ويجتمع بعض ذلك إلى بعض وهو المعبّر عنه بالإثارة في قوله تعالى :﴿ فتثير سحاباً ﴾ [ الروم : ٤٨ ] فإذا بلغ حدّ البُخارِيَّة رفعته الرّياح من سطح الأرض إلى الجوّ.
ومعنى ﴿ أقلت ﴾، حملت مشتق من القلّة لأنّ الحامل يَعُد محموله قليلاً فالهمزة فيه للجعل.
وإقلال الرّيح السّحاب هو أنّ الرّياح تمرّ على سطح الأرض فيتجمّع بها ما على السّطح من البخار، وترفعه الرّياح إلى العلوّ في الجوّ، حتّى يبلغ نقطة باردة في أعلى الجوّ، فهنالك ينقبض البخار وتتجمّع أجزاؤه فيصير سحابات، وكلّما انضمّت سحابة إلى أخرى حصلت منهما سحابة أثقلُ من إحداهما حينَ كانت منفصلة عن الأخرى، فيقلّ انتشارها إلى أن تصير سحاباً عظيماً فيثقل، فينماع، ثمّ ينزل مطراً.
وقد تبيّن أنّ المراد من قوله :﴿ أقلت ﴾ غير المراد من قوله في الآية الأخرى ﴿ فتثير سحاباً ﴾ [ الروم : ٤٨ ].