فإن قلت : فقد ورد فى سورة الملائكة :"فأحيينا به الأرض بعد موتها " وذلك تعميم ومع ذلك فقد وقع الاكتفاء فيها بقوله :"فتثير سحابا " قلت لفظ الأرض لا يعم فى كل موضع إذ ليس من ألفاظ العموم بدليل قوله تعالى :"إن فرعون علا فى الأرض " وهو لم يستول إلا على بعضها وبدليل قوله تعالى :"أو ينفوا من الأرض " وبالجملة فليست الألف واللام هنا للعموم ولا هى حيث تفهم العموم بمنزلة كل وطرأ وأجمعين ولا نزاع فى هذا فالاكتفاء فى سورة الملائكة بذكر الاثارة فقط بين.
وأما سورة الروم فليس فيها عموم بل فيها خصوص حاصل من التقييد بقوله :"فإذا أصاب له به من يشاء من عباده "، والاكتفاء فيها بذكر إثارة الرياح السحاب أبين شئ فجاء كل على ما يناسب ولا يمكن خلافه.
ولم يرد فى سورة الفرقان ذكر إثارة الرياح السحاب اكتفاء ببشارة قوله :"بين يدى رحمته " لأنه قصد هنا ذكر الإنعام ولم ينط بذلك ما يقصد به امتداد الاعتبار ألا ترى قوله قبل الآية :"وهو الذى جعل لكم الليل لباسا وجعل النهار نشورا " فقصد ذكر الإنعام ثم الاعتبار جار مع ذلك ثان عن المقصود من ذكر الإنعام فلم يذكر الا بادئ الإنعام، فجاء كل على ما يناسب ولا يمكن خلافه والله سبحانه أعلم.
والجواب عن السؤال الرابع : وهو الفرق بين ما فى الأعراف وسورة الملائكة من سوق الرياح السحاب إلى البلد الميت وما فى سورة الروم من قوله :"فيبسطه فى السماء كيف يشاء ويجعله كسفا " بزيادة ذكر سوقه إلى بلد ميت فى آيتى الأعراف والملائكة وسقوط ذلك فى سورة الروم مع زيادة بيان حال السحاب وانتشارها فى السماء وتقطيعها لانبعاث المطر فيقول السائل : إن كان الكلام مقصودا به قصد الإطالة فلم يرد فيها الوارد فى الأخريين من قوله :"فسقناه إلى بلد ميت " وإن كان قد قصد به الإيجاز فلم ورد هذا الإطناب هنا بما بسط من حال السحاب ؟