هذا - مع ما فيه من التذكير بالنعمة المقتضية لتوحيده بالدعوة - دليلاً ثانياً في غاية الدلالة على القدرة على البعث، قال تعالى :﴿كذلك﴾ أي مثل ما أخرجنا هذا النبات من الأرض بعد أن لم يكن ﴿نخرج الموتى﴾ أي من الأرض بعد أن صاروا تراباً ﴿لعلكم تذكرون﴾ أي قلنا هذا لتكون حالكم حال من يرجي تذكر هذه الآية المشاهدة القريبة المأخذ ولو على أدنى وجوه التذكر بما أشار إليه الإدغام، لأنه سبحانه كما قدر على إعادة النبات بجمع الماء له من جوف الأرض بعد أن كان تغيب في الأرض وصار تراباً، وأحيى الشجرة بعد أن كانت لا روح لها بإيداع الثمرة التي هي روحها، فهو قادر على إعادة الأشباح وإيداعها الأرواح كما كانت أول مرة، لأنه لا فرق بين الإخراجين. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٤٤ ـ ٤٥﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن في كيفية النظم وجهين :
الأول : أنه تعالى لما ذكر دلائل الإلهية.
وكمال العلم، والقدرة من العالم العلوي، وهو السموات والشمس والقمر والنجوم، أتبعه بذكر الدلائل من بعض أحوال العالم السفلي.
واعلم أن أحوال هذا العالم محصورة في أمور أربعة : الآثار العلوية، والمعادن، والنبات، والحيوان، ومن جملة الآثار العلوية الرياح، والسحاب، والأمطار ويترتب على نزول الأمطار أحوال النبات، وذلك هو المذكور في هذه الآية.
الوجه الثاني : في تقرير النظم أنه تعالى لما أقام الدلالة في الآية الأولى على وجود الإله القادر العالم الحكيم الرحيم، أقام الدلالة في هذه الآية على صحة القول بالحشر والنشر والبعث والقيامة ليحصل بمعرفة هاتين الآيتين كل ما يحتاج إليه في معرفة المبدأ والمعاد،
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon