وقرأ عَاصِمٌ :" بُشْراً " بالبَاءِ الموحَّدَةِ مضمومة وسكون الشِّين، وهو جمع بشيرة كنذيرة ونُذُر.
وقيل : جمع فعيل كَقَلِيبٍ وقُلُب ورغيب ورُغُف، وهي مأخوذةٌ في المعنى من قوله تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرياح مُبَشِّرَاتٍ ﴾ [ الروم : ٤٦ ] أي تبشّرُ بالمطر، ثم خفِّفت الضَّمَّةُ كما تقدَّم في " النُّشُر "، ويؤيِّدُ ذلك أنَّ ابن عباس والسُّلمي وابن أبي عبلة قرأوا بضمِّهَا، وهي مرويَّة عن عاصم نفسه فهذه أرْبَعُ قراءات في السَّبْع.
والخامسة : ما ذكرناه عن ابن عباس ومن معه.
وقرأ مسورق :" نَشَراً " بفتح النُّونِ ولاشِّين وفيها تخريجان :
أحدهما : نقله أبُو الفتحِ : أنَّهُ اسم جمعٍ كـ " غَيَب " وَ " نشأ " لغائبة وناشئَةٍ.
والثاني : أنَّ فَعَلاً بمعنى مفعول كَقَبَضَ بمعنى مَقْبُوضٍ.
وقرأ أبُو عبد الرحمن :" بَشْراً " بفتح الباء وسكون الشِّين ورُويت عن عاصم أيضاً على أنه مصدر " بَشَر " ثلاثياً.
وقرأ ابن السَّمَيْفَع :" بُشْرى " بزنة رُجْعَى، وهو مصدر أيضاً، فهذه ثَمَان قِراءاتٍ :
أربع مع النُّونِ، وأربع مع الباء، هذا ما يتعلَّقُ بالقراءات، وما هي بالنِّسْبَةِ إلى كونها مفردة أو جمعاً.
وأمَّا نَصْبُها فإنَّها في قراءة نَافِعٍ، ومن معه وابن عامر منصوبة على الحال من " الرِّياح " أو " الرِّيح " حسب ما تقدَّم من الخلاف وكذلك هي في قراءة عَاصِمٍ، وما يشبهها.
وأمَّا في قراءة الأخوين، ومسروق فيحتمل المصدريَّة، أو الحاليَّة، وكلُّ هذا واضح، وكذلك قراءة " بُشْرَى " بزنة رجعى ولا بدَّ من التَّعرُّض لشيء آخر، وهو أنَّ من قرأ " الرِّياح " بالجمع وقرأ " نُشْراً " جمعاً كنافع، وأبي عمرو فواضح.
وأما من أفرد " الرِّيح " وجمع " نُشْراً " كابن كثير، فإنَّهُ يجعل الرِّيح اسم جنس، فهي جمع في المَعْنَى، فوصفها بالجمع كقول عنترة :[ الكامل ]


الصفحة التالية
Icon