٢٤٩٣ - فيهَا اثْنَتَانِ وأرْبَعُونَ حَلُوبَةً...
سُوداً كخَافِيَةِ الغُرَابِ الأسْحَمِ
والحاليَّةُ في بعض الصُّوَرِ يجوز أن تكون من فاعل " يُرْسلُ "، أو مفعوله وكلُّ هذا يُعْرف مما تقدم.
قوله :" بَيْنَ " : ظَرْفٌ لـ " يُرْسِلُ "، أو للبشارة فيمن قرأه كذلك.
وقوله :﴿ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾ أي بين يدي المَطَرِ الذي هو رحمته، وحسنُ هذا المجاز أنَّ اليدين تستعملهما العربُ في معنى التقدُمَةِ على سبيل المجاز ؛ يقال إن الفتن تحدثُ بين يدي السَّاعةِ يريدونَ قبلها، وذلك لأنَّ يدي الإنسان مُتَقَدِّمَانِهِ، فكل ما يتقَدَّمُ شيئاً يطلق عليه لفظ اليَدَيْنِ مجازاً لهذه المشابَهَةِ، كما تقولُ لمن أحسن إليك وتقدَّم إحسانه، له عندي أيادٍ، ولما كانت الرِّيَاحُ تتقدَّمُ المطر عَبَّرَ عنه بهذا اللفظ.
فإن قيل : قد نجد المطرَ لا يتقدَّمُهُ ريَاحٌ، فنقول : ليس في الآية أنَّ هذا التَّقدُّمَ حاصل في كلِّ الأحوال، وأيضاً يجوز أن تتقدَّمَهُ هذه الرِّياحُ وإن كنَّا لا نعرفها.
قوله :﴿ حتى إِذَآ أَقَلَّتْ ﴾ غاية لقوله :" يُرْسِلُ "، وأقلَّت أي حملت من أقْلَلْتُ كذا أي : حملته بسهُولَةٍ.
قال صاحبُ " الكشَّافِ :" واشتقاقُ الإقلال من القلَّةِ، فإن مَنْ يرفعُ شيئاً فإنَّهُ يرى ما يرفعه قليلاً، أقلَّهُ أي حمله بِسُهُولَةٍ، والقُلَّةُ بضمِّ القافِ هو الظَّرْفُ المعروف وقِلال هَجَرٍ كذلك ؛ لأنَّ البعيرَ يُقِلُّها أي يحملها.
وتقدَّم تفسير " السَّحابِ "، وأنَّهُ يُذكَّر ويؤنَّثُ، ولذلك عاد الضَّميرُ عليه مُذَكَّراً في قوله :" سُقْنَاهُ ".
ولو حمل على المعنى كما حمل قوله " ثِقَالاً " فجُمِعُ لقال :" سُقْنَاهَا ".
و" لِبَلَدٍ " جعل الزَّمَخْشَرِيُّ " اللاَّم " للعلَّةِ، أي : لأجل.