ذكر ابن كثير ( يرحمه الله ) ما نصه : لما ذكر تعالي أنه خالق السماوات والأرض، وأنه المتصرف الحاكم، المدبر المسخر، وأرشد إلي دعائه لأنه علي ما يشاء قدير، نبه تعالي علي أنه الرزاق، وأنه يعيد الموتي يوم القيامة فقال :( وهو الذي يرسل الرياح بشرا ) أي مبشرة بين يدي السحاب الحامل للمطر، ومنهم من قرأ بشرا، لقوله :( ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات )، وقوله :( بين يدي رحمته ) أي بين يدي المطر، كما قال :( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد )، وقال : فانظر إلي آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتي، وهو علي كل شئ قدير، وقوله :( حتي إذا أقلت سحابا ثقالا ) أي حملت الرياح سحابا ثقالا أي من كثرة ما فيها من الماء تكون ثقيلة قريبة من الأرض مدلهمة.... ، وقوله تعالي :( سقناه لبلد ميت ) أي إلي أرض ميتة مجدبة لانبات فيها، كقوله :( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ) الآية، ولهذا قال :( فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتي ) أي كما أحيينا هذه الأرض بعد موتها، كذلك نحيي الأجساد بعد صيرورتها رميما يوم القيامة... ، وهذا المعني كثير في القرآن، يضرب الله مثلا ليوم القيامة بإحياء الأرض بعد موتها، ولهذا قال :( لعلكم تذكرون ).
وجاء في الظلال ( رحم الله كاتبها رحمة واسعة ) ما نصه :
إنها آثار الربوبية في الكون، آثار الفاعلية والسلطان والتدبير والتقدير، وكلها من صنع الله، الذي لا ينبغي أن يكون للناس رب سواه، وهو الخالق الرازق بهذه الأسباب التي ينشئها برحمته للعباد.
وفي كل لحظة تهب ريح، وفي
كل وقت تحمل الريح سحابا، وفي كل فترة ينزل من السحاب ماء، ولكن ربط هذا كله بفعل الله ــ كما هو في الحقيقة ــ هو الجديد الذي يعرضه القرآن هذا العرض المرتسم في المشاهد المتحركة كأن العين تراه.


الصفحة التالية
Icon