وقال الآلوسى :
﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ أي استمروا على تكذيبه وأصروا بعد أن قال لهم ما قال ودعاهم إلى الله تعالى ليلاً ونهاراً ﴿ فأنجيناه ﴾ من الغرق، والإنجاء في الشعراء من قصد أعداء الله تعالى وشؤم ما أضمروه له عليه السلام ﴿ والذين مَعَهُ ﴾ من المؤمنين.
وكانوا على ما قيل : أربعين رجلاً وأربعين امرأة.
وقيل : كانوا ( عشرة ) أبناؤه الثلاثة وستة ممن آمن به عليه السلام، والفاء للسببية باعتبار الإغراق لا فصيحة.
وقوله سبحانه وتعالى :﴿ فِى الفلك ﴾ أي السفينة متعلق بما تعلق به الظرف الواقع صلة أي استقروا معه في الفلك.
وجوز أن يكون هو الصلة و﴿ مَعَهُ ﴾ متعلق بما تعلق به وأن يكون متعلقاً بأنجينا و﴿ فِى ﴾ ظرفية أو سببية وأن يكون متعلقاً بمحذوف وقع حالاً من ﴿ الذين ﴾ نفسه أو من ضميره.
﴿ فَكَذَّبُوهُ فأنجيناه والذين مَعَهُ ﴾ أي استمروا على تكذيبها، والمراد به ما يعم أولئك الملأ وغيرهم من المكذبين المصرين.
وتقديم الإنجاء على الإغراق للمسارعة إلى الإخبار به والإيذان بسبق الرحمة على الغضب ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ ﴾ أي عمى القلوب عن معرفة التوحيد والنبوة والمعاد كما روي عن ابن عباس أو عن نزول العذاب بهم كما نقل عن مقاتل.
وقرىء ﴿ عَامَيْنِ ﴾ والأول أبلغ لأنه صفة مشبهة فتدل على الثبوت وأصله عميين فخفف، وفرق بعضهم بين عم وعام بأن الأول لعمى البصيرة والثاني لعمى البصر.
وأنشدوا قول زهير
: وأعلم علم اليوم والأمس قبله...
ولكنني عن علم ما في غد عمي
وقيل : هما سواء فيهما. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon