والجواب عن السؤال الثالث : ويتنزل على تمهيد هو أن الله تعالى أمر رسله عليهم السلام بالرفق فى دعاء الخلق وحضهم على التلطف بهم والصبر على آذاهم فقال :"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن " وقال تعالى :"واصبر على ما يقولون " وقال :"لست عليهم بمصيطر " وقال تعالى :"ودع أذاهم " وقال تعالى :"إن عليك إلا البلاغ "وقال :"ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " وهذا كثير وقال تعالى لموسى وهارون :"اذهبا إلى فرعون أنه طغى فقولا له قولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " وعلى هذا جرى دعاء الرسل أممهم فى إخبار الله تعالى عنهم وتأمل ما تحمل من التلطف والرفق بالعباد قول الله سبحانه :"يأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم " إلى قوله :"ولا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون " وعلى هذا المنهج جرى ما ورد فى الكتاب العزيز من دعاء الرسل أممهم :"يا قوم استغفروا ربكم إنه كان غفارا... "الآيات إلى قوله :"لتسلكوا منها سبلا فجاجا " ثم اختلف جواب الأمم فمن مسرع فى الإجابة بهداية الله تعالى ومن مبطئ ومن مصمم على ضلاله :"ولو شاء الله لجمعهم على الهدى " ثم لكل نبى مقامات ومقالات بحسب اختلاف الموطن والمجتمعات ولكل مقام مقال يناسبه فجرى اختلاف ما ورد جوابا بنسبة ما وقع الجواب عليه مع إحراز الأنبياء عليهم السلام ما أمروا به من الصبر والتلطف فى أكثر أحوالهم متوقفين فيما وراء هذا على ما يرد منه تعالى كما قيل لنوح عليه السلام :"إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن "فقطع عليه السلام رجاءه منهم وفهم من ربه تعالى جواز دعائه عليهم واستشعر انتقامه منهم فقال :"رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " وذلك بعد مبالغتهم فى البعد عن الاستجابة وقولهم :"قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " قال تعالى فيمن سلك مسلكهم فى التكذيب :"فلما آسفونا انتقمنا


الصفحة التالية
Icon