وقال الآلوسى :
﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ ﴾ أي وجب وثبت.
وأصل استعمال الوقوع في نزول الأجسام، واستعماله هنا فيما ذكر مجاز من إطلاق السبب على المسبب.
ويجوز أن يكون في الكلام استعارة تبعية والمعنى قد نزل عليكم، واختار بعضهم أن ﴿ وقع ﴾ بمعنى قضى وقدر لأن المقدرات تضاف إلى السماء وحرف الاستعلاء على ذلك ظاهر، وفي "الكشف" أن الوقوع بمعنى الثبوت وحرف الاستعلاء إما لأنه ثبوت قوي أكد ما يكون وآجبه أو لأنه ثبوت حسي لأمر نازل من علو وعذاب الله تعالى موصوف بالنزول من السماء فتدبر.
والتعبير بالماضي لتنزيل المتوقع منزلة الواقع كما في قوله تعالى :﴿ أتى أمر الله ﴾ [ النحل : ١ ].
مِّنْ رَّبِّكُمْ } أي من قبل مالك أمركم سبحانه وتعالى.
والجار والمجرور قيل : متعلق بمحذوف وقع حالاً مما بعد، والظاهر أنه متعلق بالفعل قبله، وتقديم الظرف الأول عليه مع أن المبدأ متقدم على المنتهي كما قال شيخ الإسلام للمسارعة إلى بيان إصابة المكروه لهم، وكذا تقديمهما على الفاعل وهو قوله تعالى :﴿ رجْسٌ ﴾ مع ما فيه من التشويق إلى المؤخر ولأن فيه نوع طول بما عطف عليه من قوله تعالى :﴿ وَغَضَبٌ ﴾ فربما يخل تقديمهما بتجاوب النظم الكريم.
والرجس العذاب وهو بهذا المعنى في كل القرآن عند ابن زيد من الارتجاس وهو والارتجاز بمعنى حتى قيل : إن أصله ذلك فأبدلت الزاي سيناً كما أبدلت السين تاء في قوله
: ألا لحى الله بني السعلات...
عمرو بن يربوع شرار الناتليسوا بأعفاف ولا أكيات
فإنه أراد الناس وأكياس.
وأصل معناه الاضطراب ثم شاع فيما ذكر لاضطراب من حل به، وعليه فالعطف في قوله
: إذا سنة كانت بنجد محيطة...
وكان عليهم رجسها وعذابها
للتفسير.
والغضب عند كثير بمعنى إرادة الانتقام.
وعن ابن عباس أنه فسر الرجس باللعنة والغضب بالعذاب وأنشد له البيت السابق وفيه خفاء.


الصفحة التالية
Icon