والذاهبون إلى ما تقدم إنما لم يفسروه بالعذاب لئلا يتكرر مع ما قبله، ولا يبعد أن يفسر الرجس بالعذاب والغضب باللعن والطرد على عكس ما نسب إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ويكون في الكلام حينئذٍ إشارة إلى حالهم في الأولى والأخرى.
ويمكن إرجاع ما ذكره الكثير من المفسرين إلى هذا وإلا فالظاهر أنه لا لطافة في قولك : وقع عليهم عذاب وإرادة انتقام على ظاهر كلامهم.
وأياً ما كان فالتنوين للتفخيم والتهويل.
﴿ أَتُجَادلُونَني في أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ ﴾ إنكار واستقباح لإنكارهم مجيئه عليه السلام داعياً لهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك ما كان يعبد آباؤهم من الأصنام والأسماء عبارة عن تلك الأصنام الباطلة، وهذا كما يقال لما لا يليق ما هو إلا مجرد اسم، والمعنى أتخاصمونني في مسميات وضعتم لها أسماء لا تليق بها فسميتموها آلهة من غير أن يكون فيها من مصداق الإلهية شيء ما لأن المستحق للمعبودية ليس إلا من أوجد الكل وهي بمعزل عن إيجاد ذرة وأنها لو استحق لكان ذلك بجعله تعالى إما بإنزال آية أو نصب حجة وكلاهما مستحيل وذلك قوله تعالى :﴿ مَا نَزَّلَ الله بهَا منْ سُلْطَان ﴾ أي حجة ودليل وحيث لم يكن ذلك في حيز الإمكان تحقق بطلان ما هم عليه.
والذم الذي يفهمه الكلام متوجه إلى التسمية الخالية عن المعنى المشحونة بمزيد الضلالة والغواية والافتراء العظيم، وقيل : إنهم سموها خالقة ورازقة ومنزلة المطر ونحو ذلك.
والضمير المنصوب في ﴿ سميتموها ﴾ راجع لأسماء وهو على ما قيل المفعول الأول والمفعول الثاني محذوف حسبما أشير إليه.
وقيل : المفعول الأول محذوف والضمير هو المفعول الثاني والمراد سميتم أصنامكم بها.
وقيل : المراد من سميتموها وصفتموها فلا حاجة له إلى مفعولين، وحمل الآية على ما ذكر أولاً في تفسيرها هو الذي اختاره جمع وجوز بعضهم أن يكون الكلام على حذف مضاف أي أتجادلونني في ذوي أسماء.