ثم إنه تعالى أخبر عن عاقبة هذه الواقعة فقال :﴿فأنجيناه والذين معه برحمة منا﴾ إذ كانوا مستحقين للرحمة بسبب إيمانهم، وقطعنا دابر الذين كذبوا بالآيات التي جعلناها معجزة لهود، والمراد أنه تعالى أنزل عليهم عذاب الاستئصال الذي هو الريح، وقد بين الله كيفيته في غير هذا الموضع، وقطع الدابر : هو الاستئصال، فدل بهذا اللفظ أنه تعالى ما أبقى منهم أحداً، ودابر الشيء آخره.
فإن قيل : لما أخبر عنهم بأنهم كانوا مكذبين بآيات الله لزم القطع بأنهم ما كانوا مؤمنين، فما الفائدة في قوله بعد ذلك :﴿وما كانوا مؤمنين ﴾.
قلنا : معناه أنهم مكذبون، وعلم الله منهم أنهم لو بقوا لم يؤمنوا أيضاً، ولو علم تعالى أنهم سيؤمنون لأبقاهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٣٠ ـ ١٣١﴾
وقال السمرقندى :
قوله تعالى ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ منَّا ﴾
يعني : بنعمة منا عليهم ﴿ وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾ أي : قطع أصلهم واستأصلهم ﴿ وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ يعني : أن الذين أهلكهم الله تعالى كلهم كانوا كافرين. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon