وقال الثعلبى :
﴿ فَأَنجَيْنَاهُ ﴾ يعني هوداً عند نزول العذاب.
﴿ والذين مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ﴾ أي استأصلناهم وأهلكناهم عن آخرهم ﴿ وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ﴾ وكانت قصّة عاد وهلاكهم على ماذكره محمد بن إسحاق والسدي وغيرهما من الرواة والمفسّرين : إن عاداً كانوا ينزلون اليمن وكان مساكنهم منها بالشجرة والأحقاف، وهي رمال يقال لها رمل عالج ( ودمما وبيرين ) ما بين عمان إلى حضرموت، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض فكلّها وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم الله عزّ وجلّ وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله صنم يقال له : صنا، وصنم يقال له : صمود، وصنم يقال لها : الهبار.
فبعث الله عزّ وجلّ إليهم هوداً نبيّاً وهو من أوسطهم نسباً وأفضلهم حسباً وأمرهم أن يوحدوا الله ولا يشركوا معه إلهاً غيره، وأن يكفّوا عن ظلم الناس [ ولم ] يأمرهم فيما تذكر بغير ذلك.
فأبوا عليه وكذّبوه وقالوا : مَنْ أشد منّا قوّة، وبنوا المصانع وبطشوا بطشة الجبارين كما ذكر الله تعالى فلما فعلوا ذلك أمسك الله المطر عنهم ثلاث سنين حتّى جهدهم ذلك.
وكانت الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء أو حرب دعوا إلى الله الفرج وطلبتهم إلى الله عند البيت الحرام بمكّة مسلمهم ومشركهم فتجتمع بمكّة ناس كثير شتى مختلفة أديانهم وكلّهم معظّم لمكّة عارف بحرمتها ومكانها من الله عزّ وجلّ. وأهل مكّة يومئذ العماليق وإنّما سُمّوا العماليق لأن أباهم عمليق بن لاود بن سام بن نوح وكان سيّد العماليق إذ ذاك بمكة رجل يقال له : معاوية بن بكر وكانت أم معاوية كلهدة بنت [ الخبيري ] رجل من عاد الأكبر فلمّا قحط المطر عن عاد [ وجمدوا ] قال : جهزوا وفداً إلى [ أن يستسقوا ] لكم فبعثوا قيل بن عنز ولقيم بن هزال وعتيل بن ضد بن عاد الأكبر ومرثد بن سعد بن عقير.